للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالأندلس، بل هم أكثر إمعاناً في هذا السبيل لمتاخمتهم ومعاشرتهم للأوربيين الذين تأثروا هم أيضاً بالآداب العربية الأندلسية. وقال إن الأمة الفارسية بعدما استعادت لغتها القديمة ظلت تتابع الثقافات والآداب العربية وتتأثر بها.

ثم انتقل إلى أوربا في عهد النهضة، فبين كيف ازدهرت الآداب والفنون بإيطاليا في القرن السادس عشر، وأخذت أوربا الشمالية عنها هذه الآداب والفنون، قم ما كان بعد ذلك من تطلع الفرنسيين إلى الأدب الإنجليزي وانشغالهم به.

ساق الدكتور طه كل ذلك ليصل منه إلى ما يحدثه تبادل الآداب والفنون بين الأمم من التقريب والتأليف، وأن ذلك حري أن يصد تيار الجنون الذي يعتري الأمم في فترات مختلفة، ثم ليصل أخيراً إلى ما ينبغي أن نفعله الآن، فقال إننا أخذنا بالحضارة الحديثة في حياتنا المادية، فلم نعد نركب الحمر وننتقل بالإبل، ولكننا لم نتقدم في أدبنا عن ذلك، فلا زلنا نكتفي بما عندنا، ونزهد في آداب غيرنا، ونعتمد في مترجماتنا إلى ما يقصد به اللهو والتسلية، فيجب أن نقبل على الآداب الأجنبية، نتفهمها، ونأخذ عنها، ونحاكيها، ثم نبتكر بعد الاستفادة منها، ليكون لنا أدب يؤخذ عنا كما نأخذ عن غيرنا.

تعقيب:

الذي نعرفه أن الأدب المقارن هو الدراسة التي تقوم على المقارنة بين أدب وأدب للبحث عما يتشابهان وما يختلفان فيه من الخصائص والموضوعات وما إلى ذلك. وقد كان حديث الدكتور طه في هذا في أول المحاضرة عندما قال إن القدماء كان لهم نظرات في قياس بعض الآداب إلى بعض، وإن المحدثين تعمقوا تلك النظرات ووسعوا ونظموا الدراسات للمقارن بين الآداب. ولكن حديثه بعد ذلك - وهو معظم المحاضرة وموضوعها - كان في شيء آخر - على ما نفهم - هو انتقال الآداب من أمة إلى أخرى وتأثير أدب في آخر، وأثر هذا في التقريب بين الأمم؛ وقد دعا في ختام محاضرته إلى أن لا نكتفي بأدبنا وإلى أن نأخذ من آداب غيرنا، فهل الأخذ من الآداب الأجنبية يسمى أدباً مقارناً؟ هذا وقد فجعنا الدكتور طه في أدبنا العصري الذي تكون من إنتاجه وإنتاج غيره ممن سائر أساتذتنا أدباء الجيل، فهم منذ عشرات السنين يطلبون الآداب الأجنبية ويتفهمونها ويترجمونها ويحاكونها، ونزعم إنهم ابتكروا بعد الاستفادة منها، وإذا الدكتور طه حسين يقول إننا مكتفون بما عندنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>