للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينفي هذه الروايات على اعتبار أنها مستحيلة الوقوع إنما يكون نفياً باطلاً لا يعتمد على سند من العلم ولا من البراهين المنطقية.

فوقوع الأنباء على هذه الصورة ليس بالمستحيل.

ومن قال باستحالته وجب أن يثبت لنا أنه على علم تام بأسباب الاتصال بين كل نفس ونفس وكل مادة ومادة أو كل نفس ومادة في هذا العالم الذي نعيش فيه.

وليس في وسع أحد أن يزعم أنه على علم تام بأسباب الاتصال بين مادة ومادة في عالم المكان، ودع عنك صلات النفوس والعقول التي لا تقع تحت الحصر ولا يحيط بها العيان.

ففي هذا الفضاء الشاسع أشعة من النور لا تراها العين وهي مع ذلك تنفذ في المعادن الصلاب وتؤثر في الأحياء وغير الأحياء؛ وبعض هذه الأشعة يعرف بالآلات وبعضها لا يعرف بغير التقدير والترجيح، وكلها لا تغنينا شيئاً في بيان سبب التأثير الذي يقع من جرم على جرم آخر في أجواز الفضاء الرحيب. فما هي قوة الجذب؟ وما هي قوة الدفع؟ وما هي قوة الإشعاع؟ ولماذا يكون الإشعاع حركة سارية تنطلق من الذرة المشطورة فتعصف بالقوى؟ وما الذي يتحرك حين يحدث هذا الإشعاع؟ هل الحركة هي القوة أو الحركة نتيجة القوة؟ وكيف تحدث هذه أو تلك أو تنتقل بالمقدار الذي يرصده الراصدون؟

كل هذه أسئلة لا يقطع المجيب عنها بجواب مفروغ منه متفق عليه، وهي مع ذلك أسئلة عن النور أي عن المثل الأعلى للوضوح والظهور فيما تقع عليه العين ويتمثل به اللسان.

فالذي يزعم لنا أن أسباب الاتصال بين نفس ونفس، أو بين عقل وعقل، محصورة محدودة يمتنع كل ما عداها، فهو مدع بما ليس في علمه ولا في أحد من البشر، ويلزمه دليل ما يدعيه ولا دليل هناك.

لكن هل يجوز لنا أن نبني على هذا أن تلك الأنباء قطعاً من إيحاء عقل لعقل أو رسالة روح إلى روح؟

أن أسئلة كثيرة تلزمنا قبل أن نخلص إلى هذا القول على وجه التحقيق، ولنضرب المثل بما رواه صاحب الخطاب عن إدوين ريد.

فهل رأى إدوين ريد نبوءات أخرى غير النبوءة بيوم وفاته؟ وهل رأى غير نبوءات مثل نبوءته بيوم الوفاة؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>