إن كانت إدوين ريد هي النبوءة الوحيدة التي صدقت فهناك محل للسؤال: لم لم تتهيأ روحه لمعرفة الغيب إلا في هذه الحالة؟
وإن كانت هي واحدة من نبوءات كثيرات كذبت كلها ما عدا هذه النبوءة فاحتمال المصادفة هنا يخطر على البال إلى جانب الاحتمال الآخر: وهو تلقي الرسالة من عالم الروح. ويوم (٧ نوفمبر سنة ١٩١٠) كأي يوم آخر في أيام السنين، لا موجب لاستثنائه ولا موجب للقطع بأن الإنباء به من توفيق المصادفات وقد يجوز أن ألف إنسان غير إدوين ريد هذه التواريخ كما سجل تأريخ (٧ نوفمبر سنة ١٩١٠)؟
وإنما تخرج هذه الأنباء من عالم الغرائب والمصادفات إلى عالم الحقائق المتواترة إذا أمكن تطبيقها تجارب العلوم؛ وليس هذا التطبيق بالميسور في مسائل العقل والروح، لأنك تستطيع أن تحكم مادة ككل مادة، وأن التجربة فيها تتكرر على منوال واحد أو مع اختلاف جدة يسير. ولكنك لا تستطيع أن تحكم بأن كل عقل ككل عقل في الخصائص والآثار. فيجوز أن روحاً تتلقى وروحاً أخرى لا تتلقى. ويجوز أن حالة التلقي لا تطرد في جميع التجارب على نمط واحد.
وههنا موضع الإعضال في تعميم الحكم على مسائل العقول والأرواح.
فغاية ما ينتهي إليه اليقين في هذه المعضلة أن الاتصال بين العقول أو بين الأرواح غير مستحيل، ولكنه كذلك غير محتوم من الأمثلة التي تذكر في هذا السياق، وبخاصة إذا نحن أحضرنا أن الرواية عن المنام تتسع لكثير من التحريف والانحراف، لأن المنام بطبيعته غير مثبت للمراجعة والتأكد من الصور الغامضة التي تتلاحق فيه، وقد يتممها الخيال بعد وقوع الحوادث التي تشبهه في عالم اليقظة، وإن تقاربت المسافة بين رؤية اليقظة ورؤية المنام.
فيجوز أن الرؤى التي أشار إليها الكاتب رسائل من روح إلى روح، أو من العقل المحيط إلى عقول الآحاد. ولكن الجزم لا تكفي فيه هذه الرؤى ولا تلك الروايات.
أما نظم القصيدة في المنام وتخيل الإصغاء إليها من صديق فهو ظاهرة مختلفة تكفي التجارب النفسانية لتفسيرها ولا استحالة فيها على الإطلاق.
لأن نظم الشعر في النوم يحدث لغير قليل من الشعراء، وقد روى عن كولردج الشاعر