وانظروا! فهذه إندونيسيا تجمع هيئة الأمم متحدة على تركها فريسة للطغاة البغاة من شر ذمة الخلق الذين يسمون بالهولنديين. ويزعمون لكم أن مجلس الأمن قد أمر بوقف القتال، فإذا هولندا تضرب صفحاً عن حكم هذا المجلس، وتوغل في تقتيل هؤلاء المساكين بالنذالة المعهودة في المستعمرين الذين لا يفرقون شيئاً بين هؤلاء البشر وحيوان الغاب، بل لعلهم بحيوان الغاب أرحم، وعليه أحرص، إبقاء على جلده أو فروه مما يرتفقون به في صناعة أو تجارة.
وانظروا! هذه بلاد المغرب من حدود مصر إلى أطراف المغرب الأقصى قد ضربت عليها فرنسا بالأسداد، وحمت عنها كل بارقة من خير، وسامت أهلها عذاب التقتيل والاضطهاد، وسلبتهم كل قوة تتيح لهؤلاء الأبطال الصناديد أن يعيشوا في بلادهم عيشة الكفاف، وشردت كل من دعا قومه إلى المطالبة بالحق المغصوب، وأراغت أن تجعل هذه البلاد الشريفة ذيلاً ملحقاً بالجمهورية الفرنسية.
وانظروا! فهذه مصر والسودان قد فغر لها الوحش البريطاني يريد أن يقضم السودان قضمة واحدة ليجعله قطعة من أوغندة وجنوب إفريقية، ويدع مصر ترعه إن شاء منع عنها الماء حتى يقتل أهلها جوعاً وظمأ، وقد قضى في ديارنا أكثر من خمس وستين سنة حتى هدم كيانها. وسلط عليها لصوص الأجانب واليهود، حتى ما تكاد تجد مصر حيلة في سن القوانين التي تحمي بلادها من استبداد اللص الطارئ بصاحب البلد المقيم.
انظروا لكل بلد تنطق فيه العربية، أو يذكر فيها أسم الله مقروناً باسم محمد صلى الله عليه وسلم، تروا حرباً تشن على أهل العربية والإسلام بلا هوادة، وبأوقح الأساليب وأخفاها:
أيتها العرب! أيها المسلمون! أنها الحرب. أنها المذابح! أنها الحالقة التي أجمعت أمم أوربة وأمريكا أن تستأصل بها قوتكم وتجعلكم عبيداً أذلاء في أرض الله. أنها الفتن المظلمة التي أطبقت عليكم من كل مكان، فجعلت إخوانهم، جهلاً وعناداً وتقليداً وسوء رأي. . .
أنه لم يبتل قوم في تأريخ هذه الدنيا بمثل ما ابتليتم به، فقد مضت القرون وأنتم في غفلة عن عدو قد استفحل أمره واستوت قوته واستمر مريرة، فدخل عليكم بلادكم فاستعبدكم فيها وحاربكم بعلمه وجهلكم، وقوته وضعفكم، واجتماع كلمته وتخاذلكم، فلما أفقتم من الغفوات الطويلة لم تجدوا في أيديكم مالاً ولا سلاحاً ولا علماً، فليس لكم منذ اليوم إلا الشيء الذي