هو أقوى من المال والسلاح والعلم: الإيمان بحقكم، والصبر على لأواء هذه الحرب الضروس. فآمنوا واصبروا، فأن قوة الإيمان وحدها تدمر حصون البغي، وتدفعكم إلى طلب المال والسلاح والعلم، وتطهر قلوبكم من كل ضعف، ولا تأسوا على قتيل في هذه الحرب، فأن كل دم يراق من دمائكم إنما هو غيث تغاثون به يغسل عنكم أدرانكم، ويسقي ثرى جف، فينبت لكم أبطال الوغى وصناديد القتال في كل ميدان من ميادين هذه الحرب.
أيتها العرب! أيها المسلمون!
اطلبوا المال من وجوهه، ودبروا أمركم في حياتكم، فأن المال قوة غاشمة تضارع أقوى قوى الطبيعة التي لا يقف دونها شيء. اطلبوا السلاح من حيث استطعتم، فأن السلاح ناصر من لا ناصر له إلا قوته، فأنشئوا المصانع والمعامل وأخفوا أمركم حتى لا يطلع عليه العدو الذي يعيش بين ظهرانيكم من الأجانب واليهود. واطلبوا العلم حيث استطعتم، فالعلم حياة أبن آدم، لا حياة له بدونه، وهو عون المال والسلاح والحافظ عليهما والقائم بأمرهما. وكل طالب علم فهو مجاهد في سبيل الله وفي سبيل أهله وبلاده، فلا تفتروا عن طلبه. وليعلم كل طالب علم أو مال أو سلاح أنه إنما يفعل ذلك لأمرين: أولهما تحقيق معنى الكرامة الإنسانية، والآخر تحقيق الحرية لبلاده وأمته.
أيتها العرب! أيها المسلمون!
لست أكتب لكم لتقرأوا، ولكني أنذر قومي في ساعة لا ينبغي للمرء فيها إلا أن يصدق أهله. أنذركم بعداوة الأمم لكم ولمجدكم وتاريخكم، فرببوا لهم أضغانكم وغذوها وحوطوها، ونشئوا صغاركم على بغض هذه الأمم التي حشدت لكم عصبية الجاهلية، وعصبية الصليبية، وعصبية الاستعمار، وعصبية الألوان. أرضعوا كل مولود لبان الأضغان والأحقاد على هؤلاء الطغاة، وأمروهم أن يعيشوا في هذه الأرض لشيء واحد هو أن يقاتلوا أهل البغي والعصبية حتى تستأصلوا هذه الشأفة الخبيثة من أرض الله التي أورثهم إياها قائمين بالقسط والعدل والرحمة وإيتاء كل ذي حق حقه. وإنه لا ينجيكم من هذه البلية إلا أن تتمرسوا بصدق العداوة، فهي التي توقظ فيكم كل عزيمة غافلة، وتهديكم إلى مواطن الضعف في نفسه كان خليقاً أن يصاب منها، ومن عمى عن مكامن الغدر في نفس عدوه كان قميناً أن يرتكس في مهاويها. لقد فضح الصبح أعداءكم وأضاء لكم عن خبايا قلوبهم،