يدركه، تأتي الرياح (يا نمل) بما لا تشتهي السفن. . .
وأوشكت الخطة أن يصيبها الفشل، إذ جاء النمل ولم يقرأ، بل وشم وأنصرف، إلا نملتين حفظتا القراءة في مدرسة من مدارس الإلزام، فقرأتا وضحكتا من جهل الأخوات، وتسللتا إلى السكر الموهوم، فإذا داخل العلبة ديجور لم تعهداه فيما سلف من الليالي. وبيناهما تسعيان راء الرزق، صدمت نملة منهما نملة في بعض الطريق:
- ما بالك ماذا دهاك؟
- عتمة لم أعهدها ها هنا يا أختاه.
- لست أرى في الأمر اختلافاً عن المألوف.
- بل ألفت أن يتسرب من سماء هذا المكان شعاع ضئيل من الضوء يعكس شيئاً من بياض، وإذا الأمر كله الليلة في عيني سواد في سواد؛ ثم ألفت أن أسير على منبسط فسيح، فإذا بي الليلة أدور مع موطئ القدم حيث يدور، ثم. . . لست أدري يا أختاه ماذا دهاني، لعله مرض في جوفي تغيرت معه طبيعة دنياي ثم ألفت على اللسان حلاوة فإذا بالشيء يلسع الليلة لساني لسعاً أليماً، حتى ليكاد اللسان من حدة اللسع يحترق.
- لك الله يا مسكينة، ألا إن الأرض هي الأرض والسماء هي السماء، والمأكل كعهدنا طيب به حلو المذاق، غيري من جوفك تتغير الدنيا في عينيك.
- أواثقة أنت أننا في علبة السكر.
- قرأت العنوان بعيني، وأذوق الطعم الآن بلساني، وليس إلى الشك عندي من سبيل. وفيم الريبة والسؤال؟ دونك المكتوب فاقرئيه، وليست الرحلة إليه بشاقة ولا عسيرة
- سأفعل، لا ارتياباً في صدق ما تقولين، ولكن ليطمئن قلبي.
وخرجت النملة إلى ظاهر العلبة ثم عادت والتقت بأختها بعد تعثر في الطريق وبحث في الثنايا هنا وهناك.
- صدقت، إنه السكر لا شك فيه.
- لا (يا أختاه) بل كل الشك فيه.
- وي! ماذا تقولين؟ ماذا تظنين؟
- كأنه (يا أختاه) حب فلفل، أني لأحس الآن ما تحسين؛ فسواد شديد حالك يسد علي مسالك