الماضي ير أن اليهود كانوا في القديم أيضاً مبرزين في ذلك الميدان فقد كانوا لا ينفكون ينتقلون بالتجارات شرقاً ومغرباً، فكانوا يجلبون من الغرب تلجواري والغلمان والديباج وجلود الخز والفراء والسمور، وكانوا في عودتهم من الهند والصين يحملون سلع الشرق كالمسك والعود والكافور والدارصيني.
وقد كان لهم بمدينة أصبهان حي يسمى باليهودية، وكانوا هم أغلب تجار مدينة تستربخوزستان، وكانوا يشرفون على تجارة اللؤلؤ الذي يستخرج من خليج فارس.
وكان المسلمون يتعاملون بالدينار، وهو يساوي أربعة عشر درهماً، ولكن قيمته تختلف من حين إلى حين، ومن بلد إلى بلد، فهو تارة يعادل عشرة دراهم وتارة ثلاثة عشر درهماً وتارة أخرى خمسة عشر درهماً.
ومن وسائل التعامل وقتئذ الصكوك (الشيكات) والمقايضة.
ولقد واجه المسلمون في عهد عبد الملك بن مروان مشكلة نقدية تستحق الذكر فقد رأى عبد الملك أن تكتب على رؤوس الطوامير (الصحف) عبارات إسلامية ساءت الروم، وسدى ما حاولوا ثنيه عنها، فهددوا بأن يأتي المسلمين في الدنانير من ذكر نبيهم ما يكرهون وصدفوا عن شراء الورق من العرب، ومن ثم انقطعت العلاقات التجارية بين الدولتين. وكانت الدنانير البيزنطية والدراهم الفارسية مستعملة لدى العرب، فسحبها عبد الملك وسك بدلها عملة جديدة تحمل بعض آي القرآن، فلما أديت هذه العملة إلى الروم غضبوا، وفسد ما بينهم وبين العرب، مما أدى إلى وقوع الحرب.
وبعد، فقد أنعقد للمسلمين لواء الزعامة التجارية في العالم حيناً من الدهر غير قصير، كان فيه الغرب حميلة على الشرق. لم يسترح المسلمون وقتئذ إلى الهين من المقاصد، ولم يثقل عليهم الكدح الدائب، ولكن مضوا في سبيلهم إلى السيادة والمجد في عزم وجلد، وعلى بصيرة واستواء. . . يحكي ابن خلدون أن ما كان يقال في عهده عن أهل الشرق الأقصى من عراق العجم والهند والصين في باب الغنى غرائب تسير الركبان بحديثها، وربما تتلقى بالإنكار في غالب الأمر! ويعي التاريخ أن أحد تجار البصرة في القرن السادس الهري، وأسمه حسن بن العباس كانت له مراكب تسافر إلى أقصى الهند والصين. وقد بلغ مقدار ما يؤخذ من ضرائبها مائة ألف دينار!.