والصادرات خاضعة في النظم الإسلامية للضرائب. وفي جنوب جزيرة العرب كان لا يؤخذ بمدينة (عثر) إلا عما يخرج
وكافح النظام الإسلامي تهريب الواردات من التفتيش. وقد روي ابن جبير الأندلسي ما شاهده من دقة متناهية في تفتيش بعض القادمين إلى الإسكندرية، حيث (أدخلت الأيدي إلى أوساطه، بحثاً عما عسى أن يكون فيها، ثم استحلفوا بعد ذلك هل عندهم غير ما وجدوا لهم أم لا).
وقد عرفت النظم الإسلامية نظام تراخيص التصدير، ولكن في نطاق ضيق بالطبع، ففي (ما وراء النهر) لم يكن يكتفي بتقاضي ضريبة الصادر عن الرقيق الذين كانوا يعبرون نهر جيحون، بل كان لا بد لهم - باستثناء الجواري التركيات - من جواز من السلطان.
والشريعة الإسلامية يعنيها أن تتوفر في بلاد المسلمين حاجياتها من الحاصلات الخارجية، فمع أن العشور وهي - في مصطلح عصرنا - الضرائب الجمركية تبلغ العشر عادة، بل تجاوزه أحياناً بالنسبة لبعض الأصناف، فأن للأمام (عند الشافعية) أن ينقصها إلى نصف العشر، بل له أن يرفعها كلها إذا رأى المصلحة في شيء من ذلك. وقد كانت التعريفة الجمركية تتفاوت من بلد عن بلد، فهي في جدة مثلاً غيرها في الإسكندرية، غيرها في البصرة، غيرها في الموانئ الإسلامية الأخرى، كما كانت هذه التعريفة تتفاوت بحسب البلد الواردة منه البضاعة، فبضائع الهند مثلاً غير بضائع السند، وهكذا.
والشريعة لا تغفل عما يتبع كثرة العشور من نقص في واردات المسلمين يمسهم بالضر، ولذلك ترى أن لا يزيد أخذ العشور من كل قادم بالتجارة على مرة واحدة في كل سنة ولو تكرر قدومه، إلا أن يقع التراضي على غير هذا.
على أن الشريعة تأتي تشجيع استيراد مالا ينفع الناس، فهي بصدد الخمر مثلاً تتمسك بالعشر.
ومما يجدر ذكره أن نظام العلامات التجارية بالنسبة للصادرات وجد بصورة ما عند المسلمين، فالمقدسي يروي أن أصفاط الثياب الشطوية التي كانت تصنع بمصر كانت توضع عليها في الموانئ علامات المصدرين.
ويتردد الآن كثيراً أن أغلب المستوردين والمصدرين هم من اليهود، ومن يخط في أغوار