به إلى أقسام وأطلقوا على كل قسم إسماً فقسموه إلى متواتر وآحاد. فالمتواتر ما رواه جماعة يؤمن من تواطئهم على الكذب عن جماعة كذلك إلى رسول الله. والآحاد هي الأحاديث غير المتواترة وقد قسموها أيضاً بحسب قوتها. وهكذا صار العرب والمسلمون في الحديث. ومنهم من كان يتركه إذا عارض القياس. ومنهم من كان يتركه إذا خالف المعقول.
وكان للحديث أثر كبير في أسلوب العرب وتفكيرهم، فهو من أكبر العوامل في نشر الثقافة في العالم الإسلامي. أقبل عليه الناس يتدارسونه ودارت عليه حركة الأمصار العلمية ولا سيما في صدر الإسلام، وعن طريقه انتشرت في العالم الإسلامي أنواع من الثقافة عدة. . . (فالتاريخ الإسلامي بدأ بشكل حديث كالذي تراه في كتب الحديث من مغاز وفضائل أشخاص وفضائل أمم. ثم تطور التاريخ إلى أن صار كتباً قائمة بنفسها. ودليلنا على ذلك أن كتب التاريخ الأولى كسيرة أبن هشام وما يروي أبن جرير عن أبن إسحق، والبلاذري في فتوح البلدان يكاد يكون نمطها وأسلوبها نمط حديث وأسلوب حديث. وقصص الأنبياء وما إليهم جاءت في القرآن وتوسع فيها الحديث ثم توسع القصاص. فكان القصص. . .).
وفوق ذلك فقد ثبت أن المسلك الذي أتبعه العرب في تنقية الحديث وتمييز صحيحه من موضوعه قد أثر إلى حد في أساليب العلماء إذ أبان لهم أهمية أتباع الطرق التي تؤدي إلى الحق كما أوضح لهم منهاجاً دقيقاً للسير بموجبه للوصول إلى الحقيقة والى الصحيح من الوقائع والأخبار والأقوال. وكذلك كان للأساليب التي أتبعها علماء الحديث فضل كبير على التاريخ (وأصبحت القواعد التي ساروا عليها في تحري الحقيقة هي المعول عليها لدى المؤرخين المعاصرين) ومحل تقديرهم وإعجابهم.
ولقد كان لعلماء الحديث فضل على التاريخ وأثر على الأسلوب الذي يسير عليه المؤرخون المعاصرون، وكذلك كان لعلماء التفسير فضلاً وأثر لا سيما وأن الأسس التي أتبعوها في أصول التفسير علمية وصحيحة، يتجلى ذلك في رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير وفي تفسير الزمخشري. ولولا الخوف من الإطالة لأتينا على بعض نصوص تؤيد ما ذهبنا إليه.
ووضع العرب مصنفات في علوم الدين سار بعضهم فيها على منهج علمي. وكان الشافعي