وهكذا ترى أن المشكلة لم تنحل في شان المكنة التي تقتبس منها الضوء، وتستمع منها إلى أصوات الإذاعة، وتسميها بما شئت من الأسماء، وتعللها بما شئت من أمواج أو غير أمواج، وكهرباء أو غير كهرباء.
فكيف تنحل مشكلة العقل بكلمة واحدة: هي انه موجود ولا وجود له في غير الدماغ؟
ولا في الدماغ إذن يا أستاذ سامحك الله!!.
إن السلوكيين أصحاب القول بالعقل الدماغي لا يحسبون مسالة التفكير بهذه البساطة التي تنحل حالا على هذا المنوال، لأنهم يسلمون إنها (مشكلة) ثم يحاولون أن يفسروها فيخيل إليهم انهم قد فسروها بقولهم أن التفكير مستمد من الكلام.
وفيثاغورس سخيف عندك يا أستاذ.
فأعطنا الحق الذي سمحت به لنفسك لتقول على حق أن هؤلاء السلوكيين سخفاء. . .
فالمعقول أن الإنسان تكلم لأنه فكر، وليس بمعقول انه يفكر لأنه يتكلم إذ كان الحيوان خليقا أن يتكلم ثم يفكر كما فعل الإنسان.
أما أن قيل أن الإنسان قد تكلم بعد أن اصبح جهاز المنطق فيه صالحا للنطق وجهاز التفكير فيه صالحا للتفكير فهذا - هو العجبوليس هذا هو الحل الذي يبطل التعجب.
المصادفة العمياء تتم جهاز النطق، والمصادفة العمياء تتم جهاز التفكير ويمضي هذا في الظلام ويمضي ذلك في الظلام ليتلافيا معا في الظلام!!
وقد انحلت المشكلة حلا بغير إبطاء.
يا أستاذ
إن المشكلة معك هي انك لا تضع السؤال، ولا عقدة حينئذ ولا أشكال.
فإن شئت فضع السؤال أولا ثم فكر في الجواب، وأنت تغرف (حالا) أن الذين لم يسرعوا إلى الجواب مثل إسراعك يعرفون على الأقل ما هو السؤال وإن لم يعرفوا على التحقيق كل ما يستدعيه من جواب.