للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كله لا يستمعون إلا لرأي الزعماء القاعدين في القاهرة؛ وهو يزعم إلى ذلك أن الزعيم محمد بن حسن الوازني الذي يقود قضية المغرب اليوم كان في سالف أيامه تبعا من اتباع هؤلاء القاعدين ثم الشعب وانشعب وانشأ حزبه. ويزعم أن حزب الاستقلال الذي يرأسه علال الفاسي في القاهرة. هو الذي يمثل الرأي الحق حين ينادي من القاهرة بان لا مفاوضة إلا بعد الجلاء والاستقلال وإنه صاحب رأي المغاربة لا يبرم أمر دونه ويزعم أن زعماء تونس والجزائر وممثليهم في القاهرة يرون رأي علال الفاسي في القعود وعدم المفاوضة.

يزعم هذا وغيره، وقد قلت أن ما ألقى إليه من ذلك غير الحق، وأن الحديث عن هذه المزاعم من شانه أن يفتح للقول أبوابا لعلها أن تفسد بين زعماء المغاربة وتضر قضية المغرب اكثر مما يفسد حديث المفاوضات وما يتوقع من منافسات الانتخاب وغير ذلك مما استوحاه الكاتب من الجو المصري الذي يعيش فيه غير متفطن إلى انه يتحدث عن بلاد لم يرها وليس له من أسباب العلم بها وبأهلها إلا القليل أو ما دون القليل.

أما زعمه أن حزب الشورى والاستقلال لا شعب له ولا أنصار فلست أستطيع أن أرد عليه رأيه في ذلك ما دام بعيدا عن البلاد؛ وهي على كل حال قضية حزبية ليس من حسن الرأي أن يشتغل بها قراء الرسالة، إذ كان البرهان العملي فيها في المغرب نفسه لا على صفحات جرائد القاهرة. وثمة برهان عملي آخر على مكانة حزب الشورى في المغرب هو ما بذل من تضحيات، وما لقي رئيسه وأعضاءه من نفي وتشريد، وما زهق من أرواح مجاهدين تحت سياط الفرنسيين في صحراء المغرب ولم يرجع آخر أعضائه من المنافي والسجون منذ سنة ١٩٣٧ إلا في سنة ١٩٤٦. ولو علم الكاتب أن المعاهد العلمية الوطنية التي أنشأها هذا الحزب (مضافة إلى أنواع الجهاد الوطني) تضم في مختلف بلاد المغرب اكثر من ٣٥ ألف تلميذ لعرف ما في اتهامه لهذا الحزب من التجني والجحود.

أما أن حزب علال الفاسي يرى أن لا مفاوضة إلا بعد الجلاء يفاوض الفرنسيين في العام الماضي، ومضى في هذه المحاولة خطوات واتصل ما بينه وبين المقيم الفرنسي السابق قبل أن يأخذ حزب الشورى في مباحثاته الجارية، ولسنا بهذا ننكر على علال أو غيره محاولته وإنما نريد أن فكرة لا مفاوضة هذه إنما نشأت منذ قريب لأسباب لا أجد داعيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>