فبطأ التصوير ميزة للمسرح لأنه يهيئ للمشاهد فرصة الانفعال في كل مشهد بينما السينما لتتابع اللقطات - التي لا تعد أن تكون مشاهد - تتابعا فظيع السرعة لا تتيح حتى مهلة التأثر.
وأيضا حصر القصة في زمان معين ومكان معين ميزة للمسرح. إذ يضطر المؤلف إلى قصرها على اعظم حوادثها دلالة وأثاره ومغزى وبذلك بكون مركزة وخالصة من الشوائب فتزداد روعتها.
وكذلك تجزئة الفكرة الواحدة إلى فصول متقطعة ميزة للمسرح. فمن المعلوم أن المسرحية تتطور دائما في مصطرع فكري وعاطفي وفني هو (الحبكة) لذلك فان تجزئتها إلى فصول تتيح للجمهور شيئا من الراحة واستعادة النشاط وتتيح للمؤلف - وهذا هو المهم فنيا - الانتقال من تيار إلى آخر واستئناف التصوير كلما وصل تطور الحوادث وتعقدها إلى ما يسميه الفنيون (الطريق المسدود) بعكس السينما التي تتخطى هذه الطرق المسدود بالانتقالات المفاجئة في قفزات آلية لا جمال فيها.
وأما ترتيب الحوادث ترتيبا يغاير الواقع بتقديم بعضها وتأخير البعض الآخر فميزة من ميزات المسرح الهامة لأنه لا يغار الواقع على هذا النحو إلا تنظيما لحوادثه التي قد تقع كيفما اتفق وانتشالا لها من الفوضى والتماسا لتعليل حدوثها منطقيا وتهيئة لما يتوخى في العمل الفني من انسجام وتناسق.
وكذا التضخم في الإلقاء والأداء من ميزات المسرح التي يعتد بها لأن في تضخيم الألفاظ والحركات - في الحدود الفنية - إجلالا لما تدل عليه من مدلولات وإظهار لملامح الشخصيات ومواطن الانفعالات تماما كما ينحت النحات تمثاله من مادة فخمة وكما يصبغ الرسام لوحاته بأصباغ فخمة وهكذا بل أن هذا لا يعدو أن يكون مقاربا لما نفعله في حياتنا العادية حين نقص نبا نظنه هاما فنتكئ على بعض الألفاظ ونتحرك حركات خاصة بقصد التفهيم والتأثير. المسرح على هذا النحو يعمل ما وسعه على التفهيم والتأثير لذلك يضفي بأساليبه جلالا على الحوادث يجعلها ذات وزن.
وقل مثل ذلك عما يأخذونه على الفن المسرحي من إيهام أو تخييل أو مبالغة لأن العبرة بمدى إحساسنا بالصورة النهائية التي يصورها لا سيما ونحن نعلم أن ما يجري فوق