للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقف إصدار المجلة والدخول في خدمة الحكومة، ولقد صعد في هذا المجال درجات وتبوأ مكانة مرموقة، ولكن هذا لم يغلبه على طبعه إذ اثر اعتزال الخدمة والعودة إلى ميدان الأدب والصحافة، وكان أن تولى رئاسة تحرير (الأهرام) واسهم بجهده وبقلمه في تشييد ذلك الصرح العظيم، وكان إلى جانب ذلك أن اختير عضوافي الشيوخ ثم عضوا في مجمع فؤاده الأول للغة العربية، كما هو معروف في الفترة الأخيرة من حياته. .

لقد كان أنطوان باشا صحفيا عف القلم، نزيه التعبير، يرعى آداب اللباقة دائما فيما يكتب، ويعرف كيف يسيطر على أعصابه في الموقف الحرج، وكان هذا سر عظمته الصحفية، قال لي في مرة حكم أخلاقك دائما فيما تكتبه عن الناس، وأسال نفسك وأنت تكتب عن غيرك، هل تحتمل أن يقال عنك هذا الذي تقوله عن غيرك وحذار من طغيان القلم وأنت في خلوتك بل تمثل أن أمامك من تكتب عنه وانك تقرا عليه ما تكتب.

وكان رحمه الله أديبا قلبه وعاطفته، وكان في بيانه يؤثر الأسلوب الأنيق، والتعبير المشرق، والديباجة الموسيقية، وكان رواية يحفظ كثير من الشعر القديم، كما كان يحفظ جميع شعر الشعراء المحدثين، أمثال شوقي وحافظ ومطران وإسماعيل صبري وولى الدين يكن، وكان لا يطرب لشيء مثل ما يطرب لسماع الشعر الجيد، وكان لا يسر بشيء مثل ما يسر بشاب أديب يظهر في أدبه مخايل النجابة والنبوغ فيتعهده كأنه ولده. قابلته رحمه الله قبل وفاته بيوم واحد وهو منصرف من احتفال المجمع اللغوي، فسألته لماذا لم يتكلم في الحفل؟ فقال وكأنه كان ينعى نفسه: وماذا تريد أن اقول، وقد أنهكتنا الأيام ومتاعب الحياة؟ لقد قلنا كثيرا فقولوا انتم فو الله انه ليس أطيب إلى نفوسنا من أن نراكم تقولون. . . .

وبعد، فليس اليوم مجال القول في شخصية ذلك الرجل العظيم، ولكنها كلمة يجري بها القلم من خلال الدمع، فإلى فرصة أخرى حتى نؤدي واجب الوفاء نحو فقيد الوفاء، نضر الله قبره، اكرم مثواه

٢ - أدوار لامبير:

نعت الأنباء البرقية في هذا الأسبوع العالم الفرنسي الأستاذ أدوار لامبير، وإن في مصر لكثيراً من رجال القانون وأعلام السياسة لا يزالون يحملون بين جوانحهم أطيب الذكرى لذلك الرجل الذي كان أستاذا لهم والذي وقف فيوجه الطاغية (دنلوب) منتصرا للعلم

<<  <  ج:
ص:  >  >>