للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا هو الذي نريده ونرمي إليه: أن تكون الفلسفة حية تخرج من (الأبراج العاجية) حيث تنحصر في اصطلاحات يعلم الله إذا كان أصحابها يفهمونها أو لايفهمونها، لتنزل إلى ميدان الحياة، فإن كانت جديرة بالوقوف على أقدامها بحيث تقبلها (العقول السليمة) التي حكي عنها ديكارت، كانت جديرة بالحياة. والرأي الذي أدعو إليه الآن من إشاعة الفلسفة في كل إنسان، هو أجدر الآراء ملاءمة للعصر الذي نعيش فيه، عصر الديمقراطية والحرية.

ومهما يكن من شيء فالمسألة خلاف بين القديم والجديد: رأى القدماء أن الفلسفة جماع الأفكار المنظمة عن الكون والإنسان، ورأي كثير من المحدثين أنها الأفكار عن الكون والإنسان، أما تنظيمها باصطلاحات خاصة وبشكل خاص فليس هذا ضروريا.

ذكر الأستاذ آدم نوكس، أستاذ الأدب بجامعة اكسفورد في مقدمة كتابه عن أفلاكون وكيف ينبغي أن نقرأ محاوراته، يقول ما فحواه: إن الذين كانوا يقرءون أفلاطون كانوا يهدفون طول الوقت إلى استنباط قصده وفكره، ويحملون النصوص فوق ما تطيق. وليست هذه الطريقة هي أجدر الطرق في معالجة كبار المؤلفين. ولن تكون هذه الطريقة هي الطريقة المثلى لفهم شكسبير مثلاً، ولو أنه كان فيلسوفاً كبيراً على طريقته. ولكنه لم يكن الفيلسوف صاحب المذهب أو الفيلسوف قبل كل شيء)

)

فالأستاذ آدم ذوكس يعد شكسبير فيلسوفاً، وفيلسوفاً على طريقته الخاصة، وهي أن لكل إنسان نظرة في الحياة. ولا بعده فيسلوفاً على المعنى الضيق المصطلح عليه.

وهو كذلك يعد أفلاطون فيلسوفاً حسب النزعة القديمة، ويريد أن يجعل منه أديباً فناناً قبل أن يكون فيلسوفاً، لأن محاوراته تعد من روائع الأدب والفن الرفيع.

وإني أعتقد أن الأستاذ عبد الغني لو عاد إلى نفسه وتأمل فيها على الطيقة السقراطية لتبين له أنه على هذا المعنى، فيلسوف. . . ولكن إلى حد ما.

أحمد فؤاد الأهواني

<<  <  ج:
ص:  >  >>