والحياة الآخرة يتقدم سقراط في وصف منازلها ومواضع الأرواح الخيرة والشريرة منها والمراحل التي تمر بها كل من هذه وتلك في نعيمها وسعادتها، أو في عذابها وهو أنها وبألمها، وهو يطلق لخياله العنان في هذا الوصف على ما وقف عليه من كتب الأساطير اليونانية وأقوال الشعراء. ولا يريد أن يقطع بصدق هذا الوصف كما ينبغي أن يفعل الحكيم.
ثم إن سقراط يكرر لأصحابه النصح أن يعنوا بأمرهم ومصير أنفسهم، وألا يدَّعوا ما لا يعلمون فيضروا أنفسهم، وُينبه رفاقه إلى أنهم إنما يوارون منه الثرى الجثة وحدها. أما الروح فهي صائرة إلى النعيم، وفي هذا عزاء الأقريطون. ثم يعد خادم السم أن يبادله جميلا بجميل، ومعروفاً بمعروف، فلا يؤذيه ولا يسوءا كما يفعل غيره عند موتهم. وحين يعود يستوضحه سقراط طريقة تعاطي السم، ثم يصلي، ويتجرع الكأس.
ويتباكى الرفاق فيهدئ سقراط روعهم ويخفف لوعتهم - ويرميهم بالجبن والأنوثة، ويوصى بدين كان له على إسكلابيوس ثم يسلم الروح. . .
كمال دسوقي
المدرس بالمنصورة الثانوية
شاعرة ترثي أباها
حنانك قلبي كفاك انهيارْ ... فما من شِراك المنايا فرارْ
أما كُنت تعلمُ أن المنايا ... كُؤُوسٌ على كل حي تُدار
أديرتْ على الخلق من آدم ... كُؤوسُ المنايا فلم تنج دار
أبي كان بيتك كهفاً رحيباً ... وأنساً بكل صديق وجار
فما ردَّ باُبك ذا حاجةٍ ... وكنْت المجير إذا الدهر جار
كريم الخلال جوادٌ بما ... لدْيك وقد شحَّ أهلُ اليسار
أَبي كُنت لي في حياتك نوراً ... هداني كما يُهتدي بالمنار
فهلاًّ عن الموْت حدَّثتني ... وعمَّا نُلاقي بتلك الدَّيار؟