المساواة التامة فلا يمكن أن تصلها الأشياء لأنها لا توجد إلا في مثال التساوي المطلق الذي تنزع إليه هي أبداً.
والكبر والصغر إن أمكن اجتماعهما في شخص بعينه بالنسبة إلى شخص وآخر، فإن مثالي الكبر والصغر لا يمكن إلا أن يكونا متضادين، لأن المثل كلية مطلقة بينما الأشياء المشاركة فيها جزئية نسبية. وبهذا يصح أن يتولد الصغير من الكبير، أو الحي من الميت، دون أن يعني ذلك تولد الكبر من الصغر والحياة من الموت - هي أن الأشياء التي تشارك في مثلها إلى حد كبير فتعارض مع أضدادا تعارض مثلها ذاتها - لأن جزيئاتها تصبح هي الأخرى مشاركة في المثال - كالنار والثلج - كل ذرة أو جوهر فيها مشارك في مثال الحرارة والبرودة. وكالزوجي والفردي من الأعداد - كل وحدة مما يدخل في تركيبها من العدد إما واحد واحد، أو زوج زوج - فالثلاثة ثلاث وحدات، والأربع وحدتين زوجيتين،. . الخ وهذه الأضداد تتعارض وتطارد، حتى يتراجع أحدها ويثبت الآخر. وتراجعه لا يدل على فنائه بل هو مجرد تراجع أمام خصم - أو التسليم له -.
وقس على هذا الموت والحياة، فهما متنافران متطاردان أبداً لا يتضمن أحدهما الآخر، وإن أمكن نشوء الحيِّ من الميت كما كان قرر سقراط - وإذا تأملنا الحياة وجدنا أن لها مبدأ ملازماً وشرطاً ضرورياً لا توجد إلا به هو الروح - وهو لمشاركته الكاملة في مثال الحياة لا يقبل الموت بدوره. فالروح كمثاله الذي يشارك فيه - مثال الحياة - غير قابل للفناء، اي أنه أبدي خالد - ولكنه يتوارى ويختفي - ولا يزول. إذا غلبه خصمهُ: الموت. فالروح الشاركة في مثال الحياة يتصارع عليها مبدأ الخلود والفناء , وحين يتغلب هذا الأخير تتراجع الروح وتختفي ولا تزول - لأنها بطبيعتها خالدة باقية يستحيل عليها أن تقبل ضدها: الفناء - أما البدن فهو الذي يفنى لأنه مشارك من قبل في مثل الموت والفناء.
الروح إذن خالدة أبدية. وهي أحق بالرعاية من البدن الفاني لأن كل خطر يتهدد مصيرها يهددها إلى الأبد - وإذا جاز لنا أن نفرح بخلاص أرواحنا من أجساد=هـ فيجب أن نكون قد هيأنا لها أسباب السعادة بمزاولة الحكمة والفضيلة. فهما زادها إلى الآخرة.
والطريق إلى الآخرة عسير ملتو، لا تهتدي له إلا الروح الفاضلة الحكيمة، حيث تخلد في نهاية في النعيم السرمدي. أما الأرواح الفاسدة الشريرة فتضل طريقها وتمضي متعثرة حتى