- (وهلا قدرت أن أعود مبكراً فتكوني في انتظاري ولا تتركيني بالباب؟!)
ومالت عليه فطوقته بذراعها ويدها تعبث بشعره وعيناها تبرقان، وقالت تداعبه في لين وتكسر:(ليتك لا تغضب يا شوكت، أنا احبك!) ثم كانت قبلة نسى معها الغضب والعتاب. . .
وتتابعت أيامها من بعد بين غضب ورضى، وأدركت إلهام أن زوجها يحاول أن يعود رجلاً وأن يبسط عليها سلطانه، ولكن بعد أن عرفت من أين تناله وكيف تسلبه أرادته. . . ومر عام، وصار شوكت أباً. هذا ولده عادل.
ودق الجرس في فناء المدرسة، فأنفلت الغلام من بين يدي أبيه كما فرت سعادته من قبل. .!
أين هي الآن؟ أنه مازال يحبها أعنف الحب وأرقه، ولكنه قد فارقها إلى الأبد! وآلمته الذكرى، فأخرج علبة من جيبه فأشعل دخينة، واعتمد بذراعه على حافة المقعد، وأسند برأسه إلى راحته، وزفر زفرة، وتلوت ثعابين الدخان صاعدة، وراح يتابع الذكرى الأليمة:
لقد كافأته زوجه على حبه ووفاءه وطاعته - بالسخر والتمرد والعصيان! ليته استطاع أن يكون معها أصلب قناة وأغلب إرادة، فلعله كان أحب إليها صلباً غلاباً صاحب إرادة وعنفوان. . .!
إنه كان يحبها حباً بعيد الأمل، ليس له حدود تحصره في دائرة الممكن، ولا حرية تطلقه وراء المستحيل؛ فلما ظفر بها ظل الطريق إلى السعادة، وراح يلتمس قلبها فهوى على قدميها. .!
وحين أراد أن يهيئ لها سعادة الرضى في جواره لم يعرف كيف يجعل إرادته تسبق إرادتها فيما تشتهي فيمنحها ما تشاء قبل أن تدعوه إليه آمرة مطاعة. . .!
ولو إن الحجاب بينهما فيما بين الخطبة والزفاف لم يكن في حراسة التقاليد، لتفاهم قلباهما على الود الكريم، ووضع الأساس لحيات الغد على غير جرف هار من الوهم والخيال. . .!