أراد الأستاذ توفيق الحكيم أن يبرر مسلكه الأخير في الكتابة الذي نعيته عليه في عدد مضى من الرسالة، فأدار الكلام في مقال بأخبار اليوم حول قضية من قضايا الأدب والفن أثارها بهذا السؤال:(هل يجب على الفنان أن يهبط إلى الجمهور أو أن يصعد إليه الجمهور؟) وقد سار بطبيعة الحال في معالجة هذه القضية إلى جانب الهابط إلى الجمهور، محاولاً أن يؤيد مذهبه بالتماس المثال (عند المبدع الأعظم لهذا الكون) لأنه تعالى لم ينتظر من الناس أن يصعدوا إليه، بل رأى أن يدنو منهم برسالته، لا أن يتركهم يصعدون إليها من أرضهم، فأرسل إليهم الرسل وبنى على ذلك أن الفنان هو الذي يجب أن يهبط إلى الجمهور.
لا يا سيدي، إن الله أنزل رسالته إلى الناس، لأنه إله لا يراه الناس ولا يخالطونه ولا يعايشونه، ولكن الرسل الذين يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق تلقوا رسالات الله ولم يهبطوا بها إلى الجمهور بل رفعوا إليها، وما علمنا أن أحداً منهم أسفَّ وابتذل، وهذا نبينا محمد قد أدى رسالته ببلاغة عالية فتح بها آفاقاً في الأدب الرفيع لم يلحقه فيها لاحق.
مرة أخرى: لا يا سيدي، إن المثال الذي أتيت به إنما هو سلم درجاته للصعود وليس به دركات للهبوط. .
على أن الهبوط الذي نعيبه ليس هو الدنو من إفهام الناس ومداركهم لتأدية رسالة، وإنما هو أن يستهلك الكاتب طاقته ويستنفد جهده، ثم يدور ولا يُرى له طحن. . . فيتستر بالتسلية والتلهية، ويدعي أنه يسير للدنو من الناس، وإنما هو في محله يسير!
الفنون في الجامعة الشعبية:
عندما لبيت دعوة الجامعة الشعبية لحضور احتفالها باستقبال هيئة اللجنة الثقافية للجامعة العربية يوم الخميس كان أكبر همي أن أسمع النشيد المقترح للجامعة العربية الذي طلب إلى قسم الموسيقى بالجامعة الشعبية تلحينه، فدعت هذه الجامعة هيئة اللجنة الثقافية إلى سماعه من فريق الأغاني والأناشيد بها.
ولكن كان هذا النشيد أقل شأناً من سائر ما سمعنا وما رأينا في الجامعة الشعبية، رأينا بقسم الرسم والحفر جماعات من أفراد الشعب، هنا ذكور وهناك إناث، قد أقبلوا على العمل في