هذين الفنين بدافع ميولهم وطبائعهم الفنية، يشبعون وينمون فيه مواهبهم في المساء بعد أن فرغوا من مشاغل حياتهم في أثناء النهار، ثم دلفنا إلى قاعة المسرح، فما أخذنا بها أما كننا حتى ابتدأت (حفلة العروبة) كما سمتها بحق إدارة الجامعة الشعبية، فسمعنا موسيقى وأناشيد مختلفة: سورية وعراقية ومصرية، وشاهدنا تمثيلاً غنائياً، قام بكل ذلك طلبة مختلطون من أفراد الشعب ظهروا على طبيعتهم في ثيابهم العادية، أسمعونا أصواتاً جميلة وألحاناً عذبة، فكانوا لساناً معبراً عن طبيعة هذا الشعب الفنان.
ولقد تأملت هؤلاء كما وقفت أتأمل من زرناهم في قسم الرسم والحفر، ثم تخيلتهم في غير هذا المكان لو لم تتح لهم هذه الفرص، فذهب خيالي بهم إلى المقاهي وغيرها من أما كن الضياع، ثم رجع بهم حيث هم الآن ينتظمون في دراسات توافق أمزجتهم ويتعهدهم المدربون والمعلون. فقرت عيني بهم وطابت نفسي بما بيسر لهؤلاء المواطنين ورجوت أن بيسر للكثيرين من أمثالهم.
وقد انشعب بي التفكير، لما أطربنا فريق الأغاني والأناشيد بفنون من الموسيقى والتمثيل والغناء، فرأيت أن أقترح على الجامعة الشعبية أن تعمل على تنظيم حفلات تمثيلية غنائية يحضرها أقرباء الطلبة ومعارفهم وغيرهم من الجمهور مقابل أجور قليلة، فتحقق بهذا فائدتين: إمتاع الناس بالفن، واجتناء أرباح تستعين بها على تحسين حال فرقها وتقدمها في مضمار الفن وإني لأرجو أن يتاح لهذه الفرق أن تأخذ (ركنا) في الإذاعة، فلا يقل هذا الركن فائدة - إن لم يزد - عن غيره من (أركان) الإذاعة.
نشيد فلسطين:
سمعنا في (حفلة العروبة) النشيد المقترح للجامعة العربية، فإذا هو - من حيث التأليف ومن حيث التلحين - شيء كغيره، من الأشياء التي نسمعها والتي يسمونها أناشيد وطنية وحماسية وليس فيها من الوطنية غير ألفاظ كالهرم، وليس فيها من الحماسة إلا أصوات ترتفع حتى تصك الأسماع. وقد أحسنت الإدارة الثقافية بتجربته قبل إقراره، وما أخالها إلا قد اقتنعت بأن نشيداً كهذا لا يليق بالجامعة العربية.
ثم سمعنا نشيداً ختمت به الحفلة فكان أحسن ختام، هو (نشيد الجهاد العربي لفلسطين) وقد وفق قسم الموسيقى بالجامعة الشعبية في تلحينه، وأداه فريق الأناشيد أداء حسناً، أما التأليف