من عام أن يقطع أذني خدمه وبر بقسمه، فأخذ الرجل ينتفض من الخوف، ومع هذا استيقظ مبكراً ووضع بعض الآنية على نار الموقد وهو يعلم أن لا شئ فيها غير بعض المعادن الخسيسة.
ودقت ساعة القصر الكبير السابعة، وعرف (كونارد) أنه من الموت على خمس ساعات، ولكنه كان متفائلا، وقبل أن يخفت رنين دقات الساعة فتح باب غرفته، وهال أن يرى الكونت العجوز بعظام وجهه البارزة يسد الباب بقامته الفارغة وسمع صوته الأجش يقول:
- أين الذهب الذي تستخرجه من الرصاص أيها اللص؟
وجثا (كونارد) بين يديه وهو يقول:
- لا شئ في البوتقة يا سيدي الكونت!
واصفر وجه العجوز ووثب إليه بسرعة، وأمسك بتلابيبه ليقتاده إلى البرج، ولكن الكيميائي قال هامساً:
- تمهل يا سيدي فإني لم أجد الذهب وإنما وجدت ما هو أغلى منه ثمناً.
فضحك (الكونت) ضحكة ساخرة وقال:
- وأي شئ هذا المعدن الجديد؟
- إنه ليس بالمعدن يا سيدي (الكونت) وإنما هو مركب كيميائي يحتوي على قوى الحب الذي لا يقاوم. . .
عندئذ تراخت قبضة (الكونت) عن عنق الرجل وقال:
- وهل أبتلع هذه الأكذوبة أيضاً كنا ابتلعت قصة الذهب ثمانية عشر شهراً أيها المحتال؟
وقال الكيميائي لنفسه: إن المتردد نصف المصدق.
فتنفس الصعداء وراح يتابع أكذوبته:
- ليست هذه أكذوبة بل هي حقيقة أعرف بها كيف أجعلك تقهر قلوب النساء.
واتسعت حدقتا (الكونت) الهرم، فقد كان فيما مضى زير نساء شهير فلما تقدمت به السن ويبست سواعده وبرزت عظام وجهه دعته النساء الهيكل وأشحن بوجوههن عنه، وبدت على وجهه علائم السرور فتابع الكيميائي الكهل حديثه.
- لقد خلطت مسحوق الفضة بالرماد، ثم أضفت إلى المسحوق مواد خاصة أحتفظ بسرها.