أرى (أهم المصادر) لهذه القصة وأكثرها تفصيلا. وذكره الطبري عن سيف بن عمر، وعنه اخذ المؤرخون الذين جاءوا بعده فما يظهر) واراني مضطر أن انقل لك أيضاً ما قاله الدكتور بعد ذلك في ترجيح رأيه وبيان حجته قال:
(ولست ادري أكان لابن سبا خطر أيام عثمان أم لم يكن؟ ولكني اقطع بان خطره، أن كان له خطر، ليس ذا شان. وما كان المسلمون في عصر عثمان ليعبث بعقولهم وآرائهم سلطانهم طارئ من أهل الكتاب اسلم أيام عثمان. . . . . ولو قد اخذ عبد الله ابن عامر أو معاوية هذا الطارئ الذي كان يهوديا فلم يسلم إلا كائدا للمسلمين، لكتب أحدهما أو كلاهما فيه إلى عثمان، ولبطش به ـأحدهما أو كلاهما. ولو قد أخذه عبد الله بن سعد ابن أبي سرح لما أعفاه من العقوبة التي كاد ينزلها بالمحمدين (محمد ابن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة). لولا خوفه من عثمان. . . . ولم يكن ايسر من أن يتتبع الولاة هذه الطارئ ومن أن يأخذوه ويعاقبوه) ثم يقول في ص١٣٤ (فلنقف من هذا كله موقف التحفظ والتحرج والاحتياط. ولنكبر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل اقبل من صنعاء، وكان أبوه يهوديا وكانت أمه سوداء، وكان هو يهوديا ثم اسلم لا رغبا ولا رهبا ولكن مكرا وكيدا وخداعا، ثم أتيح له من النجاح ما كان يبتغى، فحرض المسلمين على خليفتهم حتى قتلوه) ثم يقول: (هذه كلها أمور لا تستقيم للعقل ولا تثبت للنقد، ولا ينبغي أن تقام عليها أمور التاريخ) هكذا يقطع الدكتور الرأي جملة واحدة!!
هذا هو الموضع الأول، أما الموضع الثاني فهو اشد الأشياء علاقة بهذا، ولكن الدكتور قطعه عنه قطعا كريما فترك صفحة ١٣٤ ومضى على وجهه في هذا البحث الجليل إلى أن بلغ ص٢٠٩ لكي يقول:(وهنا تأتي قصة الكتاب الذي يقول الرواة أن المصريين قد أخذوه أثناء عودتهم إلى مصر، فكروا راجعين فهذه القصة فيما أرى ملفقة من اصلها) ثم اختصر قصة الكتاب اختصارا وقال: (كل هذا أشبه بان يكون ملهاة سخيفة منه بان يكون شيئا قد وقع. الأمر ايسر من هذا تلقى أهل الأمصار وعدا من أمامهم فاطمئنوا إليه، ثم تبينوا أن الخليفة لم يصدق وعده! فاقبلوا ثائرين يريدون أن يفرغوا من هذه الأمر وأن لا يعودوا إليه حتى يفرغوا). ثم تبين للدكتور أن إلغاء هذا الكتاب الذي أرسل إلى والى مصر يأمره بقتل رؤوس الوفد الذي جاء من مصر، ليس يحل الإشكال في عودة الوفد بعد أن فصل عن