في أواني الخزف ما يختلف مادته عن الذهب والفضة ولا يقل عنها رقة وفخامة وجمالا. ثم ما صحب عصر (النهضة الإسلامية في دولة بني العباس من تشجيع للعلوم والفنون، جذب إلى بغداد وسامرا عباقرة الخزفيين من جميع بقاع العالم الإسلامي وأنشئوا مصانعهم حولها وأغدق عليهم الخلفاء ما شجعهم على التفنن والإتقان).
أما في مصر الفاطمية فللمصريين فخر إنشاء مدارس فنية تتمتع بذاتية لامعة تنافس بها سائر المدارس حتى في إيران نفسها، وقد أصيب فنان الفاطميين برعشة من رعشات الفن الوافدة أوحت إليه من خزف الصين الذي كان زهرة أسواق الخزف في العالم.
وأما من ناحية موقف الإسلام من التصوير، فقد وافق على الكراهية التي أشاعتها الأحاديث الشريفة ولم يأت خبر تحريمها في القرآن الكريم. على أن الخلفاء يتقيدوا كثيراً بهذه الكراهية، سواء في ذلك السنيون والشيعة.
ولما بدأ المغول يكيلون للضربات القاسية المتلاحقة للعالم الإسلامي في مطلع القرن الرابع عشر وقف بنا البحث عند هذا الحد. فقد انتهى المؤلف من الكلام عن الخزف الإسلامي المبكر ويعدنا بأن يتناول ما يلي ذلك فيما يتبع من مؤلفات.
وبالكتاب أكثر من ٢٥٠ صورة ضوئية - أربع منها ملونة كما في الأصل - مبين عليها مقاسات التحف وتأريخها وأما كن عرضها. وقد أخرجته مؤسسة (قابر أند فابر) إخراجها لا يقل أناقة عما كنا نراه من كتب ما قبل الحرب الأخيرة التي كانت السبب في حبس التحف في المخابئ، وتعطيل الإنتاج الفني طوال هذه السنين.
ولنا أن نزجي التهنئة إلى الأستاذ المؤلف لتوفيقه في بحثه الذي يهم كل متتبع لسيرة الحضارة الإسلامية وإنتاجها الفني الفياض وكل مشتغل بالفن أو كلف به.