ما نعرف عن استخدام الخزف في تغطية الجدران، بل لعله أقدم ما تعرف عن الخزف المطلي بالمينا جميعاً.
لهذا اهتم العلماء بالخزف فكتب عن الخزف الإسلامي من المصريين علي بك بهجت، ثم الدكتور زكي محمد حسن. ومن المستشرقين فبيت وكونل ولام ممن خدموا جامعة فؤاد الأول، وغيرهم كثير لا داعي لذكرهم، حتى وصل إلى أيدينا أحدث المؤلفات بقلم الأستاذ أرثرلين أحد رجال متحف فكتورياً وألبرت.
والمؤلف عالم وقف دراساته على الخزف؛ فكتب عن الخزف اليوناني والخزف الفرنسي، ثم هاهو يكتب عن الخزف الإسلامي فيلم به إلماماً شاملاً هادئاً، ويعالج المشاكل القائمة في تاريخ الفن بقوة، ويطلعنا على تمكنه ورسوخه، فلا يدفع به البحث إلى مزالق الهوى كما حدث للأستاذ بتلر في مجلده الضخم (الخزف الإسلامي).
وتناول المؤلف الدول الإسلامية في مواطنها كلا على حدة، فيما بين حدود الهند ووادي النيل؛ فيبدأ بترجمة سريعة للنهضة الفنية والأحداث السياسية التي مهدت لها وأحاطت بها، ثم يعكف على الأساليب الفنية في صناعة الفخار والخزف ونقشه وتزيينه وتلميعه بالمعادن والمينا فيقتلها بحثاً، ثم يعرض لنا المراحل المختلفة التي يمر بها كل لون من ألوان هذا الفن الجميل من ناحية الصناعة، ويكشف عن المواد الأولية ومزجها وحرقها والتصوير عليها حتى تخرج تحفة فنية.
والأستاذ (لين) منصف للفن والفنانين، فهو يحدثنا عن التأثيرات الفنية الغريبة عن الإسلام كالبيزنطية والساسانية والصينية، وكيف تمكن المسلمون من استيعابها جميعاً ومزجها مزجاً هيناً لطيفاً وكيف أضافوا إليها من ذوقهم الحساس وروحهم الشاعرة حتى أخرجوا منها عصارة فنية طيبة تفوح بأريج عبقرية الفنان المسلم. وكيف رسم الفنان المسلم خطوطاً واضحة لفنه فخلق له طابعاً فذاً فريداً له مميزاته الخاصة وشخصيته الواضحة. ثم يخلص المؤلف من هذا إلى المقارنة بين مختلف المدارس الفنية في العالم الإسلامي فيبين خواصها ومميزاتها بوضوح وجلاء بعيدين عن التعقيد الذي يعمد إليه عادة الفنانون.
ويؤمن الكاتب بالرأي القائل بأن الأحاديث النبوية الشريفة التي تنهي عن استعمال الذهب والفضة كان لها أكبر الأثر في سمو هذه الصناعة وبلوغها ذروة المجد: فإن الخلفاء التمسوا