الخصائص كالذوق والحب والكره، مما يترتب عليه تضاؤل شخصية الفرد بجانب شخصية المجموع، حتى لقد وجب على المجتمع أن يتدخل لتربية الذوق وتهذيب الحس وإذكاء الضمير في كل فرد. رعاية لمصالح المجموع، حتى يوجه عواطف الأفراد وميولهم هذه الوجهة. وفي هذا رد كذلك على الذين يقولون بضرورة حد العواطف والنزعات مع حرية العقل والفكر.
حرية التصرف إذن حق ثابت لجميع أفراد المجتمع خاصهم وعامهم، لا الحرية المطلقةالكاملة التي لا تعرف حدوداً، بل القدر الذي لا يتعارض مع حرية الغير، أو يترتب عليه اعتداء القوي على الضعيف، ولا ضير على الحرية الشخصية من هذا القيد مادامت تعوض عن تقييد الأناني منها بإنماء الشطر الإجتماعي والخلقي: أما إن حرية التصرف لازمة للخاصة أو العباقرة - على قلتهم - فذلك لأن المجتمع في حاجة أبداً إلى من يفتح عينيه على أخطائه، ويسن له عاداته وتشريعه وتقاليده في تطور تاريخه ويبتكر له ما يرقى حياة أهله في الفكر والعمل، ويلفت فيه روح الحياة والتقدم، ولا يتأتى ذلك إلا بتنشئة الأفراد جميعاً في جوّ صالح يعين على إظهار مواهبهم، والاستفادة بهم، فهذه الأقلية الممتازة هي القادة، وإلى هذه الأرستقراطية الفكرية يجب أن يوكل زمام الحكم، فإن حكومة الطبقة المتوسطة هي كذلك متوسطة، وكل شذوذ في المجتمع دليل على وعيه وعبقرية أفراده وابتكارهم. فهم سيقودون وطنهم وإن لم يحكموا، وأما ضرورة الحرية الشخصية للعاديين من الناس فحجتها أن تنوع الأفراد في المجتمع، وتنوع ظروف الفرد الواحد منهم، يستتبع منتهى الحرية في تنويع أساليب الحياة والتصرف التي يأخذ بها الفرد في كل ظرف يواجهه، حتى يتكيف في بيئته، ويوائم بين نفسه ومجتمعه، على نحو يجعله غمير عاجز عن النهوض بنفسه.
و (مل) يشير في غير موضع من هذا الفصل إلى الدور الخطير الذي يقوم به المجتمع في محاربة العباقرة وتحبيذ حكومة الطبقة المتوسطة، وإلى تعصب الرأي العام فيه على أي مظهر من مظاهر التفوق والامتياز، وإلى تحكم العادة واعتراضها سبيل ل تجديد وإصلاح، وإلى أن الخلاف وتنوع المذاهب وعدم المماثلة - أي في كلمة فون همبولت - الحرية وتنوع المواقف هي ضمان عدم انزلاق الدول الغربية في مصير الصين، ويرى ضرورة