للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحروب، وتؤدي إلى خراب العالم، ولا يقرها دين من الأديان.

وللأخلاق حكم في طمع اليهود في فلسطين أيضاً، لأن العرب فتحوا لهم بلادهم في فلسطين وغيرها، فوجدوا فيها جواراً كريماً، ولقوا فيها عدلاً وأمناً، وقد لفظتهم أوربا في القرون الوسطى كما تلفظهم الآن، فلم يجدوا مأوى لهم إلا في بلاد العرب، فقضوا فيها تلك القرون الطويلة، لا ينالهم أحد بشر، ولا تنظر إليهم عين بسوء، بل يجدون منا أكرم عطف، وينتفعون بنا أقوى نفع، حتى صاروا ولهم بيننا أموال لا تحصى ولا تعد وأصبحوا وبيدهم زمام التجارة والصناعة، فلا يحقد أحد هذا عليهم، ولا يحاول أحد أن ينتزع شيئاً منهم.

أفيكون جزاؤنا على هذا كله أن يطمعوا في هذه البلاد التي آوتهم؟ وأن يتخذوا أعداؤنا وأعداؤهم من متعصبي أوربا وأمريكا وسيلة لقضاء مطامعهم، حتى إذا قضوا أغراضهم من تسخيرهم في حربنا قلبوا لهم ظهر المجن، وطردوهم من فلسطين كما يطردونهم الآن من أوربا، اللهم إنه لا يجوز شيئاً من هذا في شريعة الأخلاق، وإن اليهود قد خرجوا في هذا الطمع الشنيع على حكم الخلق الكريم، كما خرجوا على حكم السياسة والتاريخ والدين

ولاشك أن الظلم مرتعه وخيم، والبغي عاقبته شر، وقد بغى اليهود على المسلمين الأولين في المدينة وكانوا قلة يعدون بالعشرات، وليس لهم من العالم على سعته إلا بقعة صغيرة في المدينة وما حولها، فجزاهم الله على بغيهم شر جزاء، وأعان هذه القلة عليهم فطردتهم من المدينة شر طرد، ولم ينفعهم ما حاولوه من إثارة العرب على المسلمين، وما جمعوه من الأحزاب لإخراجهم من المدينة، لأن الله لا ينصر بغياً على عدل، ولا يرفع باطلاً على حق

واليوم يبغي اليهود على المسلمين وهم يملؤون الأرض من أقصاها شرقاً إلى أقصاها غرباً، ومن أقصاها جنوباً إلى أقصاها شمالاً، واليهود هم اليهود في قلة وذلة، والعالم ينبذهم نبذة النواة من هنا وهناك، فهل يمكنهم أن يتغلبوا على المسلمين في بلادهم؟ ويمكن المسلمين أن يناموا على ضيمهم؟ وهل يرضى الله عن هذا الظلم والبغي فلا يوقع اليهود في شر بغيهم وظلمهم، ولا يمكن للمسلمين منهم، لينبذوهم إلى حيث لا يجدون مأوى، لأن العالم كله قد اجتمع على كراهتهم، ولم يبق لهم إلا المسلمون الذين يحملونهم على عداوتهم.

ووالله أيها اليهود الجاحدون، إنا لن ننسى لكم أنا آويناكم وأنتم ضعاف، وقد طردكم أهل أوربا من بلادهم، ففتحنا لكم بلادنا، وها أنتم أولاء اليوم تحاربوننا لتمكنوا لهم من رقابنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>