للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معاليه - في حديثه الأول - على الحكومة وضع تشريع لتقييد تعدد الزوجات بجعل إباحته رهينة برقابة القضاء الشرعي على توفر الأسباب الداعية إليه والمقدرة على الوفاء بشرط العدل بين الزوجات، وقوله (وخير للحكومة أن تأتي للأمر مباشرة فتعالجه من جذوره، وذلك بأن تحرم بتاتاً تعدد الزوجات) ثم قوله في موضع آخر من الحديث (لا أوافق البتة على طريقة المشروع تلك الطريقة التي يراد بها عدم تعدد الزوجات ولكن بسبل ملتوية مراد بها قطع أسباب الاعتراض ممن يظنون أن لهم على خلاف مفهوم نصوص القرآن الصريحة حق الاعتراض)؟ هلا وسع معاليه - إن كان حقاً قصد ببحثه الأخير تأييد عين رأيه الأول - الاقتصار على طلب تعديل مشروع التشريع طبقاً لنتيجة هذا البحث، والبون بينهما غير بعيد، بدل إيجاب نقض المشروع من أساسه بما في ذلك من زلزلة تشريعية بنقض التشريع القائم أيضاً من أساسه؟ بل أن معاليه ليستهين في حديثه ذاك - في سبيل القضاء على كل عائق يحول دون تنفيذ رأيه في التحريم البات الحاسم - فيجيب على اعتراض وجه إليه بحق بأن إصدار التشريع الذي أشار به معاليه مدعاة للزنا وهو فساد كبير بقوله (للفرنسيين مثل يقولونه ' أي شر لابد منه) بينما هو في رأيه الأخير يقول بإباحة التعدد - ابتغاء تكثير النسل عقب حرب تدخل فيها الأمة فتقضي على كثير من رجالها) إذ الضرر من خوف الجور فيها لا يصح أن يقام له وزن بجانب ذلك النفع العظيم الذي يأتي به التعديد (مع أن القاعدة المعمول بها في جميع الشرائع أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

٣ - لقد أطلت في بيان هذه النقطة الشكلية لكنني أرى هذا القدر من البيان ضرورياً لا تعريضاً بمعالي الباشا - وحاشاي أن أقصد إلى شئ من ذلك - ولكن قصد إظهار الناس على الحقيقة التي اتضحت لي من مقابلة الرأيين - وأرجو أن يغتفر لي معاليه التصريح بها - وهي أن رأي معاليه في هذا الموضوع الخطير لم يكن نتيجة الدراسة والتمحيص بقدر ما كانت الدراسة والتمحيص نتيجة للإسراع بإبداء هذا الرأي أولاً والحاجة بعد ذلك إلى دفع ما وجه إليه؛ وهذه الحقيقة قد تساعد الكثيرين - فيما أرى - على وزن رأي معاليه في هذا الموضوع بميزان صحيح

٤ - هذا وبمناسبة عتب الباشا - لا يفوتني أن أنوه بأنه إذا كان ثمة من يتوجه إليه العتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>