اتخذ لهذا أسهل طريق واحكمه، طريق التحدي بالعدل. . . الخ) وهذا، كما قدمت، تعليل بارع من معالي الباشا، لكنطه لا يقوم إلا على محض افتراض ولم يدفع، مع ذلك، التعارض بين تأويل الآيتين كما هو ظاهر. أما رأيه الأول فقد كان منسقاً على الأساس الذي بني عليه فبدهي أنه لم يرد فيه شئ من هذا التعليل إذ لم يكن صاحبه بحاجة إليه قبل تعديل رأيه.
(د) فليس عجيب إذن بعدما عدل معاليه رأيه هذا التعديل الجوهري الذي تكلف كثيراً لتبرير تعارضه محاولاً بهذا كله دفع ما أوردناه على رأيه الأول بمقتضى قوله تعالى (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) - أقول ليس بعجيب إذن بعد كل هذا أن ياتي على تلخيص ما استبقى من رأيه في عبارات تحمل طابع التردد والحذر الشديد فيقول في البند ١٤ (القرآن الكريم لم يحرم تعدد الزوجات بنص صريح قاطع خاص بل أني إذا كنت ذكرت في حديثي الأول أنه يحرم التعدد فواضح من الحديث أن ذلك استنتاج من الآيتين رقم ٣ و (رقم ١٢٩) واحتياط مني بصفتي مسلماً يجب أن يعنى بتقرير ما يغلب على ظنه أنه هو المقصود للنصوص الواردة بكتاب شريعة (ويقول في البند ١٧) قد ترك القرآن الناس على حريتهم وعاداتهم يتزوجون أي عدد من النساء يريدون. وغير صحيح - في نظري - أنه حد من هذه الحرية نصاً أي تحديد، بل كل الأمر أنه نبههم إلى القاعدة الأساسية في تشريعه وهي مراعاة العدل والانتعاد عن مزالق الجور فأوجب على المسلم عندما يقوم في نفسه الخوف من عدم العدل أن يقتصر على واحدة. ثم أكد هذا المعنى تأكيداً لا هوادة فيه (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) فأصبح الأصل الواجب أن يحتذيه كل مسلم يريد الاحتياط لنفسه هو الاقتصار على زوجة واحدة) ثم يقرر إمكان (المحيص) و (الهوادة) حتى عن هذا الأصل بإمكان الاستثناء منه على أساس القواعد العامة في دفع الحرج وإباحة المحظورات عند الضرورة لأن (هذا الأصل قد يقضي العدل نفسه بالخروج عليه في بعض الصور) واستثنى الباشا بالفعل حالتين قال بإباحة التعدد فيهما. فأين هذا كله من رأيه الأول الذي أجملناه في الفقرة ب؟ أين هذه العبارات المحتاطة أشد الحيطة في التعبير عن تحريم مقيد للتعدد مستنتج من ثنايا نصوص مقيدة (بظاهرها كما هو رأي الباشا أخيراً) للإباحة المطلقة غير المحدودة بعدد؟ أقول أين هذا من إنكار