ولكن الواقع أن المعاهد العلمية قد اهتزت لهذه المحاضرة، أو لهذه النظرية؛ لأنها فهمت منها شيئاً غير الذي فهمه الأستاذ الحداد: فهمت منها أن الفضاء نفسه مادة قد تغني عن فرض وجود الأثير.
وليس أكثر من الكتب والرسائل التي خاضت في هذا الموضوع، ولكننا نكتفي منها برسالة مبسّطة أصدرتها دار الطباعة التي يديرها (هالدمان جولياس) في كانساس بالولايات المتحدة؛ لأن السؤال فيها بسيط لا إبهام فيه، والجواب كذلك على قدر السؤال.
سئل الدكتور لويس لونشنين تلميذ إينشتين وشارحه المعروف عما يعنيه أستاذه الكبير. فقال ما نصه بالإنجليزية:
' '
وترجمة هذه العبارة: (إن إينشتين يذهب إلى أبعد من هذا. ويزعم. . . أن الفضاء الذي كان في عصور متقدمة يعتبر خلاء، واخترعوا له في علم الطبيعة الحديث اسم الأثير للاستعانة به على تفسير بعض الظواهر الطبيعية التي تقع في الفضاء، وهو الآن مادة، أو جوهر.
ومضى الدكتور لوينشنين يقول إن مادة إينشتين الفضائية قد يتضح أن تكون من جوهر لن تدركه حواسنا ويروع من كل دليل مباشر في المعامل.
أما الدكتور لونشتين هذا فهو الذي قدم إينشتين إلى الجامعات وقاعات المحاضرات عند زيارته للولايات المتحدة في سنة ١٩٢١. وهو على علمه بمباحث الضوء والكهرباء، حجة في شؤونها العلمية ومستشار فني معروف لشركات من أكبر الشركات الكهربائية، وعلمه بهذه المسائل لا يقل عن علم الأستاذ الحداد على أقل تقدير.
فليس قصارى الأمر أن الفضاء لا يوجد إلا إذا وجدت فيه هذه المادة التي نعرفها. بل تقضي هذه الخاطرة بأن الفضاء نفسه هو مصدر تكوين المادة، وأن جوهره قد يدق عن الحس وعن التجارب في معامل العلماء.
والأستاذ الحداد يقول بأن الوقت عدم أو وهم من الأوهام.
فله أن يضيع منه ما يشاء. أما نحن فلا نقول بأنه عدم ولا بأنه وهم. ولهذا لن نضيع منه