للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدواوين واستشارة ذوي الرأي من الشيوخ والشبان.

أو يستدل عليها بشهادة العارفين، وقد شهد له بها أكبر دهاة العرب كالمغيرة وعمرو بن العاص.

وقد سألت الآنسة عن الفرق بين الرؤية والرؤيا والشعور على البعد، وكلها مما يدل على الاهتمام بعالم الغيب، أو أن الإنسان لا يقصر همه على الواقع المحسوس، ومن هنا يكون على استعداد للتدين والإيمان، ولهذا ذُكرت هذه الخصال، أو هذه الملكات لبيان استعداد الفاروق بطبيعته لقبول الدين.

والرؤية هي أن يتراءى للإنسان منظر أو صورة لا يراها غيره بحواسه المعهودة؛ لأنها تتمثل في النفس على نحو من ظهور الأشباح للنائم في حلمه. وقد يراها المستعد للرؤية وهو في حالة من حالات الغيبوبة. وقد تكون رمزية يفهم منها الرائي معنى من المعاني على طريقة الفهم من الرموز والكنايات. والفرق بين الرؤية والتلبائي أن التلبائي ينتقل بين شعورين على البعد، وقد تظهر الرؤية لإنسان واحد ولا تكون لمناظرها صورة خارجية يتلقاها الآخرون بحاسة النظر المعهود.

والاعتداد بالرؤيا هو اهتمام الإنسان بما يراه في أحلامه، وليس من دأب كل إنسان أن يهتم بهذه الأحلام أو يتخذ منها دليلاً على حادث مخبوء له في الغيب.

على أنني أرجو الآنسة معذرة إذا أحلتها على نفسها وهي تستوضح هذه العبارة: (كانت الرحمة من صفاته التي وازنت فيه العدل أحسن موازنة)؛ فإنها تسأل عن معنى هذا مع تفصيل الكلام فيه عدة صفحات، وعليها هي أن تجهد نفسها لتجيب سؤالها، وهي قادرة على الإجابة بغير جهد كبير.

وأسألها وزميلاتها معذرة إذا أحلتها على علم أساتذتها وعلم المعجمات في تفسير بعض المفردات؛ فليست هي مما يخفى على الأساتذة أو يخفى عليها إذا رجعت إلى تفكيرها، أو رجعت إلى معجم صغير مما يتيسر للطلاب في معاهد التعليم.

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>