للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زوجها: انظري الخرجين اللذين جئت بهما فابعثيهما.

ويقول الأستاذ إنه يخالف الرواية ويرى أن عمر كان أولى أن يبهم العدد لأنه ربما يكون في العدد الذي ذكره نقص أو زيادة.

ورأينا أنها رواية أمامنا، وأن الجزم بنفيها هو (الادعاء) الذي يقوم على غير دليل لأن الجزم بالنفي هنا حكم باستحالة جميع الاحتمالات التي تقع في الخاطر، وليس شئ منها بمستحيل.

فمن المحتمل أن عمر كان يعرف عادات السروات من العرب في رحلاتهم، أو يعرف على التخصيص عادات أبي سفيان.

ومن المحتمل أن عمر استكثر ثلاثة أخرجة على رحلة واحدة، واستقل خرجاً واحداً يعود به أبو معاوية من عنده وهو أمير علي على الشام؛ فتوسط بين العددين.

ومن المحتمل أن عمر رأى ضرورة التحديد؛ لأنه لو طلب كل ما جاء به أبو سفيان من أمتعة السفر لاسترابت زوجة أبي سفيان وفطنت لما يراد. فجازف هذه المجازفة - بعد ذلك التقدير - وصحت مجازفته فحفظت ورويت، ولو لم تصح لما سمعنا بها أو لسمعنا من شأنها غير ذاك.

ومن المحتمل أن عمر قد علم بنبأ الخرجين وكانت له عيون تترقب العائدين من الرحلات، كما ذكرنا في الكتاب.

فلماذا ندعي أن الذي حصل هو غير ما جاء في الرواية، وليس لدينا ما نمنع به احتمالاً واحداً من جميع هذه الاحتمالات؟

أما الأسئلة التي تلقيتها من التلاميذ والتلميذات، فمنها سؤال من الآنسة (رسمية علي خليل) بالمدرسة السنية تطلب فيه مثلاً على فطنة الفاروق، وهي صفة من صفاته التي وردت في باب الصفات من الكتاب.

والفطنة إنما يستدل عليها بالكلام الذي ينم عن فهم الطبائع والأخلاق، وفي كلام الفاروق الذي أوردناه ما يدل على فطنته لهذه الأمور.

أو يستدل عليها بالأعمال، وقد دلت أعمال الفاروق على الفطنة في كل ما تولاه تسيير الجيوش وتدبير الفتوح وتنظيم البلدان وتوجيه النصائح إلى الولاة والقادة والقضاه، وإنشاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>