الواحد متفرقة في مواضع مختلفة منها، فمثلاً أحكام المواريث وردت عنها الآيات ذوات الأرقام ١١ و١٢ و١٨ و١٧٥، وأحكام القتال والجهاد في سبيل الله وردت عنها الآيات ذوات الأرقام من ٧١ إلى ٧٧ و٨٣ و٨٩ و٩٠ ومن ٩٤ إلى ٩٦. وكذلك أحكام النساء وردت آياتها متفرقة في مواضع مختلفة من السور ومثلها أحكام اليتامى، وفي بعض المواضع تتعاقب آيات النوعين كما في الآية ذات الرقم ٣ التي نحن بصددها إذ سبقتها الآية ذات الرقم ٢ وعن اليتامى وهي قوله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أنه كان حوباً كبيرا) ولحقتها الآية ذات الرقم ٤ وهي قوله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا) ثم الآية ذات الرقم ٥ عن السفهاء والآية ذات الرقم ٦ عن اليتامى؛ ومن الآيات ما تشتمل الواحدة منها على نوعين أو أكثر من الأحكام، كالآية ٥ من سورة المائدة. وهذا النهج الدالة عليه جزئيات أخرى كثيرة في مختلف الصور، راجع إلى مراعاة ما بين بعض موضوعات الأحكام المتعاقبة آياتها من وجوه المشاكلة والمناسبة بالرغم من اختلاف هذه الموضوعات، وإلى أن التنزيل كان منجماً تبعاً لأسباب ومناسبات النزول. وإذن فليس في مجرد سبق الآية ذات الرقم ٢ الخاصة باليتامى للآية ذات الرقم ٣ ما يدل على أن الأخيرة نزلت أيضاً في شأن اليتامى قصداً وأن ما ورد فيها عن النساء جاء بصفة عرضية غير مقصودة.
٢ - والدليل على أن الكلام في هذه الآية وارد في شأن نكاح النساء قصداً لا عرضاً الآية ذات الرقم ١٢٧ المبدوءة بقوله تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن، وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن) وهي التي تشير كما ذكر معالي الباشا إلى حكم الآية السابقة ذات الرقم ٣ مما يبين أن تلك الآية نزلت قصداً في حكم النساء أيضاً، ولذا اتبعت كما قدمنا بالآية ذات الرقم ٤ الواردة في حكم آخر خاص بنكاح النساء، وهو حكم صداقهن
٣ - أن في تفسير هذه الآية أقوالاً أربعة ذكرها ابن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ هجرية مؤيدة بالمأثور عن الصحابة والتابعين في بيان سبب نزولها وتفسيرها على ضوئه. وأحد هذه الأقوال ما ذكره الباشا من أنها أمر لأولياء، اليتيمات بنكاح سواهن إن خافوا ألا