يقسطوا لهن في أموالهن. لكن ابن جرير بعدما ذكر هذه الأقوال الأربعة قال:(وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية قول من قال بتأويلها: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فكذلك فخافوا في النساء، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيه منهن من واحدة إلى الأربع إلى أن قال) وإن خفتم أيضاً الجور على أنفسكم في أمر الواحدة بإلا تقدروا على إنصافها فلا تنكحوها ولكن تسروا من المماليك فإنكم أحرى ألا تجوروا عليهن لأنهن أموالكم وأملاككم ولا يلزمكم لهن من الحقوق كالذي يلزمكم للحرائر). فعلى هذا التفسير المختار تكون الآية كلها بما فيها من عبارة الشرط وعبارة الجواب واردة في نكاح النساء عامة، ويكون ذكر اليتامى في عبارة الشرط لمجرد قياس وجوب العدل في النساء على وجوب العدل فيهم ليكون ذلك أفعل في النفوس ورعاية للمناسبة بين هذه الآية والآية السابقة الواردة في اليتامى. وسواء أكان المقصود بالآية رعاية الإقساط الواجب للنساء كالإقساط الواجب لليتامى أو رعاية الإقساط لليتيمات أنفسهن، فلفظها صريح في تحديد نكاح النساء بعدد معين، وحكم إباحة التعدد مأخوذ منها اتفاقاً لأن العبرة كما هو معلوم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
ومما تقدم يتضح وجه الارتباط بين عبارتي الشرط والواجب في الآية ويندفع الاعتراض على إفادتها حكم التعدد.
الدليل الثاني. إن كلمة (ما) في قوله تعالى (ما طاب لكم) هي من أقوى ما يكون في إفادة العموم، والباشا يميل إلى القول بأنها نكرة بمعنى (أي شئ) أي أية امرأة أو مجموعة من النساء ولا يميل إلى القول بأنها موصولة بمعنى (من) وقد استعمل مشاكلة لها كلمة (طاب) ولم يستعمل كلمة (حل) لأن الطائب قد يكون حلالاً وقد يكون حراماً، فما يطعن على بلاغة القرآن وتساوق عباراته أن ينحدر من هذا العموم الكلي إلى التحديد والقصر على الأربع.
وأقول في الرد على هذا الدليل أنه فضلاً عن أنه لم يرد عن أحد من رجال اللغة - الذين يقول الباشا أنه اعتمد على مقرراتهم في فهم الألفاظ التي تناولها بالتفسير - القول بأن (ما) هنا نكرة، وبالرغم من أن لطاب معنيين: المعنى الذي أورده الباشا، ومعنى آخر هو (حل) وهذا المعنى هو ما قال به أئمة اللغة في تفسيرها هنا وما استقر عليه اصطلاح الأئمة والفقهاء في استعمالها، فكان أحدهم إذا استفتي في حكم فعل من الأفعال قال: أراه طيباً أو