عندما صخب أمراء فرنسا ورجال الإقطاع فيها في دار ندوتهم على الوزير العظيم الكردينال (ريشيليو) وانهالوا يسلقونه بألسنة حداد، استمع الوزير لصخبهم وضجيجهم في هدوء المطمئن، الواثق من نبل غرضه، وشريف قصده، وعندما استهل كلامه رداً على ما جاء على ألسنتهم من هجر القول وفحشه قال:
(أكثروا من الشتائم واتخذوا منها أكمة فلن تدركوا مقدار إشفاقي عليكم) ثم استمر يتحدث في صلب الموضوع وصميمه دون الدخول في مهاترة أو إسفاف. ووالله لا أجد ما أستهل به ردي على الأستاذ الكريم أحمد الشرباصي المدرس بمعهد القاهرة الثانوي، خيراً مما استهل به الكردينال حديثه. ثم أدلف إلى الصديق أعاتبه، وإلى العالم أحاسبه، في هدوء المؤمن بمبدئه والعامل على تنفيذه وما أقصد غير وجه الحق وحده.
لقد شغلك يا صديقي ألوان الصور وجمال المناظر، عن التعمق في درس ما بين سطور كتابي (النساء ملائكة) من أغراض نبيلة، ومبادئ جليلة وآراء. هي كلها دعامات للأخلاق الحميدة. فكم فيه من دفاع عن الفضيلة وكؤوس مترعة بالخمر البريئة، يستقيها الظمآن فتتشرب نفسه ما فيها من حلال زلال.
وبقدر ما راعتك الصور التي أخرجتك عما أعرفه فيك من هدوء، وأعهده فيك من إنصاف، بقدر ما أهملت أيها الأخ الصديق تصفح الكتاب ومحاولة نقده نقداً عادلاً أرتضي حكمك بعده، فتصفح الكتاب، وأنا راض بعد ذلك حكمك، ومتقبل نقدك.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
محمود يوسف الأمين بدار الكتب المصرية
الغوغاء
في العدد (٧٦٠) من الرسالة الغراء، تساءل الأستاذ أبو ماضي عن رأي الأدباء في ورود كلمة (الغوغاء) مؤنثة في الفقرة (٩٦١) من نقل الأديب، مع أن المفهوم أن لفظ (الغوغاء)