للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقابلين حبي أيتها البلهاء؟ أهكذا، بعد أن عصيت أوامر والدتي واتخذتك زوجة لي، تذعنين لإغواء أختيك وتحاولين قتلي؟ ولكن ارجعي إليهما وافعلي ما تشائين! واذكري أنني لن ألحق بك أي قصاص سوى أن أهجرك إلى الأبد؛ إذ كيف يمكن للحب أن يأوي ما بين الشكوك؟!) وما كاد ينهي كلامه حتى طار بعيداً وتركها مستلقية على الأرض تملأ المكان بعويلها ونحيبها.

واستعادت الحسناء بعض رشدها ونظرت حولها، وإذا بالقصر والجنان قد تلاشت واختفت؛ ووجدت نفسها على مقربة من مسكن أختيها. فقصدته، وقصت عليهما ما حدث. فتظاهرتا بالحزن والإشفاق، ولكنهما قد ابتهجتا داخلياً، وظنتا بأنه من الممكن أن يختار كيوبيد إحداهما بدلاً منها. غير أنهما لم تجهرا بتلك الخطة، بل صعدتا في الصباح التالي إلى الجبل، ونادتا على الريح الغربية لكي تحملهما إلى كيوبيد. فلما قفزتا في الهواء، سقطتا في الهواية وقضي على حياتيهما.

أما بسيشي، فقد أخذت تهيم على وجهها ليل نهار، باحثة عن زوجها. فوقعت عيناها على رأس جبل شامخ، يطل من فوق حاجبه هيكل بهي، فتنهدت وقالت في نفسها: - (أليس ممكناً أن يكون حبيبي هناك؟!). وأسرعت صوب قمته. وما كادت تدخله حتى رأت فيه أكواماً كبيرة من الحنطة والشعير، نثرت حولها المناجل وآلات الحصاد. وأرادت أن تسترضي فينوس، ولذا عمدت إلى فصل هذه الأشياء بعضها عن بعض. فلما رأتها سيريس - إلهة الحصاد - منهمكة في العمل، خاطبتها قائة: (مسكينة أيتها الفتاة! ولكن لا تكتئبي، فسأرشدك إلى طريقة تهدئين بها غضب فينوس , اذهبي إليها، وأظهري لها كل خضوع واحترام، تنالي عفوها، وتسترجعي زوجك المفقود) فوافقت بسيشي على هذا، وتوجهت إلى هيكل فينوس. فلما رأتها الإلهة، لمعت عيناها ببارق من الغضب، وقالت: - (أتذكرين الآن فقط بأنني سيدتك، أم جئت ههنا لتزوري زوجك المريض؟ سأختبرك الآن لأرى ما إذا كنت صالحة لأن تكوني زوجة له!)، وأمرت أن تتبعها إلى مخازن الهيكل حيث توجد كميات كبيرة من القمح والشعير والفول والذرة، وقالت لها: - (أريني اجتهادك الآن في فصل هذه الحبوب، بعضها عن بعض، على أن تنتهي من ذلك قبل حلول المساء!). فلما أجالت بسيشي النظر فيما حولها، وقفت بدهشة ويأس وذهول أمام تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>