ومن حوادث صومه الطريفة، صومه الذي قام ع مشاركاً (أباشد تواردهان) الذي رفض أن يقوم بعمل (الزبال) في سجن (برفادا)، ورفض كذلك أن يمس أي طعام حتى لا يقوم بعمل الكناس كما أمر، فصام، وصام غاندي معه، وهنا خشيت السلطات على حياة الزعيم فأعفت (أباشد) من أوامرها، وهنا أفطر الرجلان. . .
وكان من ثمرات صيامه الطيبة، صومه ضد الحكم الذي تبع محادثات ماكدونالد سنة ١٩٣٢، ضد المنبوذين، وهم أحط الهنود حياة وأشدهم فقراً، فكان من نتائج هذا الصوم أن تفتحت أبواب المعابد الهندية الضخمة للمنبوذين، ومنذ ذلك اليوم صاروا يعرفون باسم (الهاريجان) وهي تعني أحباب الله!
وفي الخامسة والعشرين من يونيو سنة ١٩٣٤ حاول شخص مجهول أن يلقى قنبلة على غاندي في بونا، فأخطأته ولكنها أصابت سبعة أشخاص. وكان لهذا العمل الإرهابي أثره، فبعد أسبوعين استعمل أحد أنصار قضية (الهاريجان) العنف في التعبير عن اعتقاداته في مقاومة الهندوس، فصام غاندي سبعة أيام ليشعر هذا الخاطئ بخطيئته.
وقد قال البانديت نهرو مرة عن المهاتما:(لشد ما كان غاندي لغزاً غامضاً محيراً، ليس للحكومة الإنجليزية وحدها، بل لشعبه أيضاً، بل لأقرب المقربين إليه من أنصاره ومريديه)
ثم قتل هذا اللغز البسيط المعقد، الذي لم يفهمه أحد حق فهمه، فقضى شهيد اتحاد الهند، وشهيد الإنسانية في هذا العصر المادي المضطرب، ولكنه مات ميتة نبي. . . والأنبياء - كما قيل قديماً - غرباء في أوطانهم، بل في العالم، لأنه لا يفهمهم في حياتهم فهماً صحيحاً. . .
ولقد قتل غاندي قتلة دنيئة - وهو ذاهب للصلاة - بيد احد ابناء وطنه ودينه، فمات ميتة الأنبياء الشهداء الغرباء في أوطانهم.
ولكن العالم كله عرف غاندي، وأن لم يدن بمبادئه، مع اعترافه بها، إلا أنه تخبط في طريقه إلى تحقيق أهدافها العليا وهي أهداف كانت منذ الأزل وما برحت رسالة الأنبياء والشعراء والمرسلين.