الأمير كان وعلى رأس قائمة الساذجين السيد ترومان فانحازوا إلى جانبهم. وقبل أن يجيء دور التنفيذ رآهم أولئك المنخدعون يستغيثون طالبين النجدة.
في أثناء كتابة هذه العجالة ينعقد مجلس الأمن للنظر في القضية. ولا يلبث أن يقع في حيص بيص لا يدري ماذا يفعل فيها لأنه يدرك أن التنفيذ لا يمكن إلا بإرسال قوة عسكرية. وهو ليس عنده من القوة ظلها. وزد على هذا أن الخواجة ترومان هرب إلى جزر الكاريبي لكيلا يمشي في جنازة المشروع ولا يرى النائحين اللاطمين وقد أدرك بعضهم هذه الخيبة فرأى أن يتداركها باقتراح تأجيل القضية عسى أن تمكن تسوية الأمر بين العرب واليهود بطريقة ودية. رأي سخيف مضحك. ما أسخف منه إلا رسالة ترومان إلى حكومة العراق يناشدها بأن ترد العرب عن اليهود في هذا الصراع الرهيب.
فما أدرك هذا المخدوع أن اتفاق اللصوص معه على سرقة منزله أسهل جداً وأمكن من اتفاق العرب واليهود. أفما علم حتى الآن أن العراق وكل دولة عربية تحسب نفسها ضلعاً من فلسطين.
ليست هيئة الأمم ومجلس الأمن والحكومة الأميركية أقل حيرة في هذه القضية وأقل ارتباكاً من الصهيونيين الذين رأوا أنفسهم الآن أمام أمر واقع عكس ما كانوا يتوقعونه. لم يخدعوا العالم بأكاذيبهم وتهويلهم أكثر مما خدعوا أنفسهم. هم الآن في ورطة لا يدرون كيف يخرجون منها.
لقد عرضوا في أول الأمر على بريطانيا أن تحسب دولتهم من جملة الدومنيون التابعة لها، يعني أن تجعلهم تحت حمايتها. فظهر أن إنكلترا لم تطمئن لمعاملة اليهود فنفرت من اقتراحهم هذا. ثم جعلوا يتقربون إلى روسيا. ولكن هذه السياسة الخرقاء لا تجوز على بريطانيا وأميركا ولا على روسيا.
لم يبق في قوس الصبر منزع. لقد جنت على نفسها براقش وقد وقعت الحرب بين العرب والصهيونيين فلم يعد في وسع هيئة الأمم ولا مجلس الأمن ولا أميركا ولا دول أوروبا الصغيرة أن تنقذهم من براثن العرب الأشاوس.
مهما تكن نتائج مساعيهم ومساعي أحبابهم فقد استل السيف من غمده ولا يمكن أن يغمد في غمده ثانية إلا بأحد أمرين: إما أن يقاتلوا حتى يفنوا ويبقى العرب أهل بلادهم ولا شركاء