فأجابه الحكيم - وهو يبتسم في لطف -: (يا مولاي! سأنبئك بتأويل ما لم تحط به خبراً!. . . أما الحصان فقد علمت أنه رضع لبن حمير من أذنيه المتدليتين المتراخيتين، وليست هذه من طبيعة الخيل!. . وعلمت أن في جوف الجوهرة حشرة حية، لأني استشعرت حرارة لما قبضت عليها. . وعهدنا بالأحجار باردة! ومن الحلي أن الحرارة لا تصدر إلا عن كائن حي داخلها)
ثم سكت الحكيم. . فقال له الملك مستحثاً: -
(هه. . وكيف فطنت إلى أني ابن خباز؟)
فاستطرد الحكيم في قوله وهو يبتسم في خبث ورقة:(حينما أخبرتك بحقيقة الحصان لم تجد علي إلا بنصف رغيف من الخبز، وعندما أنبأتك عن الحشرة الحية في بطن الجوهرة أمرت لي برغيف كامل من الخبز كل يوم! فأدركت عن يقين من هو أبوك!
فلو أنك ولدت من صلب ملك حقاً لوهبتني مدينة بأسرها كمنحة أستحقها. . ولكنك اكتفيت برغيف من الخبز وهو ما كان يفعله أبوك الخباز!. . ومن شابه أباه فما ظلم!. .)
حينئذ خجل الملك من ضعة أصله ودناءة سجاياه! وأطلق أسر (الحكيم الإغريقي) ورد عليه حريته. .! ثم أعاده إلى أهله مثقلاً بالعطايا. . وولاه منصباً رفيعاً!. .