يتهيأن للرقص، ولكن تولستوي كان في شغل بما توسوس به نفسه عما يدور حوله، وجلس يحدث رب الدار حديثاً كانت تكدره خلجات وجدانه، فأن كل شيء من مراح الشباب وزياطه يذكره بشبابه الذي ينطوي وروحه التي تخمد؛ وإنه ليحس وهو يعد في الرابعة والثلاثين كأن بينه وبين الشباب أمداً بعيداً.
وجلس غير بعيد يترقب ويغالب ما في نفسه من حسرة، وجاءته سونيا تمشي على استحياء وقد حان وقت الرقص فقالت: ألا ترقص؟ فأجابها وهو يخفي همه بابتسامة: إني اليوم أكبر سناً من أن أفعل ذلك. .
وقد جعل باله في تلك الليلة إلى سونيا، يدور بعينيه إلى حيث تكون، وكانت سونيا تقابل نظراته بنظراتها وكأنما تقول له إنها تدرك ما في نفسه، وكان يحمر وجهها في صورة ملحوظة كلما دنت منه.
ولحظت ذلك عينا ليزا فأفلت منها زمام أعصابها وقالت لأختها الصغرى، بعد الحفلة وهي تجهش: أن سونيا لتحاول أن تأخذ مني الكونت. . ألم تري ذلك؟ إن مسلكها وان عينيها وإن رغبتها في أن تنفرد به، كل أولئك الآن يبدو جلياً. . .