أن تكون لنا التفاتة إلى مثل هذا الاستقصاء لا نبالي امتد بها الأجل أم قصر.
وبين أيدينا مؤلفات عنى بها مستشرقون كتب لها الخلود وليس عليها إلا أن تعاد طبعاً؛ وليس بدونها أن يفضلها أبو فراس الحمداني. فما في الظن أنه تبقى لأبي فراس شيء في عالم الغيب لم يهتك عنه الدكتور الدهان ستراً، ولا مكتوبة من ديوانه لا تزال سراً. فما أحقه من عمل بالثناء، وأجدره من نهج بالجزاء، وأولاها من طريقة بالاقتداء. . .
إبراهيم الابياري
إبراهيم بن سيار النظام
تأليف الدكتور عبد الهادي أبو ربده
كتاب فلسفي أخرجه منذ عهد غير بعيد الدكتور عبد الهادي أبو ريدة المدرس بكلية الآداب وقد عرض فيه حياة النظام وآراءه الفلسفية سواء كانت آراء طبيعية تتصل بالجسم والحركة والخلق والكمون والتداخل، أو آراء أخلاقية أو سياسية تتصل بالخير والشر والجبر والاختيار والإرادة والاستطاعة، عرضها في نهج نظيم وأسلوب قويم. وقد تحدث الدكتور أبو ريدة إلى جانب هذا عن النظام من الناحية الفكرية فبين رأيه في الحديث ومسائل الفقه وتفسير القرآن وإعجازه، وذكر طرفاً من أدبه وشعره، ولكنه طرف موجز مقتضب؛ فالكتاب كتاب فلسفة وليس بكتاب أدب. وقد خصص الدكتور أبو ريدة فصلين في الكتاب أحدهما عن الله والآخر عن الإنسان لعلهما أروع ما في الكتاب.
ولي كلمة موجزة أحب أن أوجهها إلى الدكتور أبو ريدة بمناسبة إخراجه كتاب النظام والتمهيد للباقلاني وهي أننا كنا ننتظر منه شيئاً آخر؛ فالدكتور أبو ريدة يكاد يكون ألمانياً في حياته الخاصة ولا يرى إلا متكلماً بالألمانية بين ردهات الكلية؛ ولكن للأسف لم تستفد المكتبة العربية من ألمانيا شيئاً يذكر. وخليق به أن يترجم لنا عيون كتب الفلسفة الألمانية ويحدثنا عن الفلاسفة الألمان حديثاً مستفيضاً صحيحاً. ويظهر أن الدكتور يحس بقلة إنتاجه الفكري وقصر مدة تدريسه بالجامعة وهي سنتان فيلجأ إلى تلاميذه في البحث ومراجعة التجارب. والواقع أن الأستاذ أبو ريدة في وسعه أن ينتج كثيراً وأن ينتج شيئاً مرضياً أيضاً ولكنه يؤثر العافية! كتاب النظام كتاب قيم ما في هذا شك وقد ألجأ إلى تحليله في