إن رجلاً هذه نظرته إلى من كونهم القرآن وأدبهم لرجل ضيق الأفق ما في ذلك شك؛ وإن الحياة العقلية في الإسلام، تلك الحياة المليئة بالنضال الفكري في القرنين الأول والثاني للهجرة، والتي كانت ميداناً هائلا لتطاحن الآراء والأفكار حول هذا الدين وما يثيره في النفوس من قلق وجدل وأسئلة، لتزلزل كل كلمة من كلمات أندريه جيد. إنه لم يقرأ شيئاً عن الفرق الدينية المختلفة التي لنا في فضلها الفكري من أدب وعلم وفلسفة تراث قد تعتز به العربية على مر الأجيال! ولو أنه قرأ ما كتبه المستشرق الألماني جولد تسيهر عن العقائد الإسلامية، أو ما كتبه المستشرق الألماني لويس ماسينيون عن التصرف الإسلامي، لما هرف بما هرف، ولما أرسل القول على عواهنه، ولكنه كما قال هنزي بيرو بحق: كاتب ضيق الأفق إذا ما قيس بغيره من أصحاب الآفاق الرحيبة!
هذا أفق ضيق نضعه أمام أفق آخر لأديب آخر هو توماس كارلايل في كتابه (الأبطال)، ولو أن الزاوية التي نظر منها كارلايل إلى الإسلام تختلف عن الزاوية التي نظر منها جيد، ولكنها زاوية تضع الفارق من أجل الحلال وأشرفها ألا وهي التسوية بين الناس، وهذا يدل على أصدق النظر وأصوب الرأي، فنفس المؤمن راجحة بجميع دول الارض، والناس في الإسلام سواء، والاسلام لا يكتفي بجعل الصدقة سنة محبوبة بل يجعلها فرضاً حتماً على كل مسلم وقاعدة من قواعده، ثم يقدرها بالنسبة إلى ثروة الرجل فتكون جزءاً من أربعين من الثروة تعطى للفقراء والمساكين. جميل والله كل هذا، وما هو إلا صوت الإنسانية، صوت الرحمة والإخاء والمساواة ينبعث من فؤاد ذلك الرجل محمد أبن القفار والصحراء). . .
كلام أديب؛ حين يكون الأدب ومضة فكر، وخفقة قلب، واستجابة شعور. وحديث عالم؛ حين يكون العلم سعة إطلاع، ورجابه أفق، وسلامة تقدير!
كرامة فنان:
هذه قصة عن العبقري الإيطالي مايكل انجلو، قليلة الألفاظ ولكنها كثيرة المعاني. . . وتستطيع بعد قراءتها أن توافقني على أن خير عنوان يمكن أن يوضع لها هو هذا العنوان (كرامة الفنان).