هذا ما ذكرته تاتيانا، ونضيف إليه أنها ما كادت تجيب حتى صاحت بها أمها: سونيا! أذهبي إلى سريرك. هل تفعلين؟ وأسرعت سونيا إلى مخدعها.
وبعد بضعة أيام زارت زوجة بيرز وبناتها ياسنايا ثانية لتودع ماري قبل سفرها، وكان تولستوي ساكناً يطيل التفكير اثناء هذه الزيارة، ولما تأهبن للرحيل قال لهن: سوف أذهب معكن إلى موسكو إذ كيف استطيع أن أبقى هنا دونكن. . . إن مقامي هنا يكون من الكآبة والوحشة بحيث لا أطيقه. . . . ثم سافرن فكان معهن حتى بلغن موسكو. . . .
وذهب آل بيرز من موسكو إلى بيتهن الريفي في قريتهم بوكروفسكوي، ووعدهم تولستوي أن يوافيهم اليها بعد قليل. . .
وعادت اليه في وحدته هواجس نفسه، كما كانت حاله مع فاليزيا وأخذ يسأل نفسه عما يشعر به، أهو الحب حقاً أم أنها الرغبة في الحب؟.
وذهب إلى بوكروفسكوي كما وعد، وكانت لا تزال تعتقد ليزا أنه يحبها وأنه سوف يخطبها إلى نفسه؛ وكانت تتنازع الأحلام والمخاوف قلب سونيا.
ووجد تولستوي في بوكروفسكوي معلماً شاباً يدعى بويوف في الخامسة والثلاثين من عمره يخفى في نفسه نحو سونيا ما يبديه تودده اليها وما يشبهه الغزل من حديثه ونظراته؛ وكانت تحس سونيا ميله اليها فأغرته بعض الأغراء، ولكن بالها وقلبها كانا إلى الكونت وأن غاب.
وفعلت الغيرة فعلها في قلب تولستوي، فكان كثيراً ما يأتي إلى القرية وكانت على نحو أثني عشر ميلاً من موسطو وكان يؤثر أن يذهب إلى هناك ماشياً بأكثر الأحيان.
وبات موقفه من الأسرة غريباً فهو لا يتقدم بالخطبة إلى ليزا وأنه في الوقت نفسه وإنه في الوقت نفسه ليكثر من غشيان بيتهم أينما كانوا كما لو كان واحداً منهم؛ ولذلك لم يكن عجبا أن يظن الطبيب أن جمال امرأته هو الذي يجذب إلى بيته هذا الكونت الغامض.
وكان لا يفتأ يسأل تولستوي نفسه أما آن له أن يستبطن دخيلة سونيا وأن يدرك حقيقة عقلها ووجدانها، فأن أختياره زوجة لا تصلح له يعدو عنده كارثة لا يكون معها رجاء. . .
وسألها هل تكتب مذكرات، فقالت: لا ولكنني عبرت عن حقيقة شعوي في قصة كتبتها؟