هو إذاً لم يتقدم خطوة منذ فكر أن (يغير روحه). ولكنه يتعلم شيئاً واحداً: يتعلم (أن العمل الطيب إنما هو ثمرة تفكير يوازن ويختار. أنه النتيجة الثابتة الرائعة لصراع باطني كبير). وتدخل هذه الحكمة على نفسه شيئاً من الهدوء. . . فهو يستطيع اذاً أن يصل إلى السلام النفسي الذي ينشده عن طريق هذا الصراع الباطني الموجه دائماً نحو غرض طيب.
وتأتي نهاية سلافان في عمل من هذه الأعمال الطيبة.
قتل خادمه مختار رجلاً إيطالياً برصاصة مسدس، وكان سلافان يستطيع - بشيء من حضور الذهن - أن يمنع الحادث، ولكنه لم يفعل، وأعتصم الخادم بقبو المنزل. فسار اليه سلافان يصرع اليه بأن يخرج ويعده أن يدافع عنه، وإذا بالخادم يرديه بطلقة من مسدسه.
عمل من أعمال الطيبة! عمل يودي بصاحبه دون جدوى ولكنه يأتيه بالسلام النفسي الذي ينشده، لأنه انتصار على تردد النفسي وجبنها، ومواجهة للجهل والظلم والشر، ولأنه لطف ورحمة، ولأنه عفو ومغفرة. وتلك هي الفضائل النفسية التي جاهد سلافان ليبلغها. فليكن عزاؤه إذ لم يحظ بها في حياته، إنه احسها في مماته، وليكن عذره إذ لم يبلغ السلام النفسي الذي ينشده، أنه دفع حياته ثمناً له!.
لست أدري ماذا عسى أن يكون رأيك في سلافان. وقد أردت بهذه المقدحة شرحاً وتفسيراً، ولم أرد نقداً وموانة، على أني أكتفي بأن أقول إن سلافان أبعد عن الواقع وأقرب إلى أن يكون دعاوة لأفكار الكاتب، ولأن سلافان الشاب أ {وع سخرية وأقل تشاؤماً على رغم ما ينتابه من يأس عنيف.