وتليها شبكة دمشق العاصمة الثانية في أهميتها: لأن لنائب السلطة حق المخابرة رأساً مع القاهرة وله الحمام الخاص به. وكان لنائب قلعة دمشق هذا الحق أيضاً وله الحمام الزاجل الخاص به، وحق الاتصال المباشر مع السلطان بصفته قائداً لموقع عسكري محصن. وكانت المسافة تقطع على مراحل: فالحمام الذي يطلق من دمشق يهبط الصنميني ومنها يقوم آخر إلى أبراج محطة طفس ثم قلعة أربد بفلسطين ثم بيسان ثم جنين ثم قافون ثم غزة وهي نهاية شبكة الشام.
والحمام القائم من أبراج قلعة مصر يهبط في سرياقوس ومنها إلى بلبيس ثم الصالحية ثم قطيا ثم الواردة ثم غزة وهي ملتقى الشبكة المصرية على الشامية.
أما قلاع الشمال وأهمها البهنسا وقلعة الروم أو قلاع جبل طوروس فكانت تبعث برسائلها إلى مدينة حلب ومنها إلى المعرة ثم حماة ثم حمص ثم قارة إلى قلعة دمشق وإليها تصل حمائم الأعمال الفراتية أي قلعة الرحبة وقلعة جعبر. وكانت المسافات بين هذه الأماكن تسمى مسارح الحمام بحيث لا يمكن أن يتعداها بل يجب أن يعود الحمام ثانية بعد أداء واجبه إلى أبراجه الدائمة بمحطات الإرسال. وكانت القلاع مشحونة بالجند والمقاتلة وأبراج الحمام وعلى اتصال دائم بقلعة الجبل بمصر: مركز الحكم وأبهة الملك.
بهذا حفظت مصر الحصون والثغور والقلاع وتمكن جندها من كسب الحروب الصليبية وكسر التتار عدة مرات.
كانت قوات مصر لا تقهر ولذلك سميت مصر بالمحروسة وعساكرها بالمنصورة، وأطلق عليها في المستندات والوثائق الرسمية: هذه الدولة القاهرة.
كانت الحمام الزاجل تعمل للنصر في خدمة مصر القاهرة.