للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان أن اتجه إلى أداء خدمة أجل وأصدق نحو العربية، إذ عنى بإخراج كتاب المخصص تأليف أبى الحسن على بن إسماعيل النحو اللغوي الأندلسي المعروف بابن سيده، والمتوفى سنة ٤٥٨ للهجرة، وكان هذا الأثر الجليل قد انتهبته أحداث الزمن، وتفرقت أجزاؤه في مكاتب الدول، فعنى النجاري بك بجمع هذه الأجزاء من مكاتب إنجلترا والبرتغال وبلاد ما بين النهرين، وضم ذلك إلى ما عثر عليه من الكتاب في دار الكتب المصرية، وبعد أن قام بترتيبه وتنسيقه تعاون جماعة من أهل الفضل وأنصار اللغة والأدب على طبعه ونشره، فخرج في سبعة عشر جزءاً كبيراً، وفى خاتمة الجزء السابع عشر أشار رئيس تصحيح الكتب العربية بالمطبعة الأميرية إلى الجهد الذي بذله العلامة النجاري في إخراج هذا الكتاب، فقال بعد أن ذكر ما لهذا السفر من قيمة جليلة: (ومن أجل ذلك قام بطبعه لتيسير تناوله وتعميم نفعه جمعية خيرية، من فضلاء المصريين وسراتهم ذوى الهمم العلية، وفى مقدمتهم حضرة العلامة المحقق صاحب الفضيلة الشيخ محمد عبده مفتى الديار المصرية. وحضرة صاحب السعادة حسن باشا عاصم رئيس ديوان خديوي، وحضرة الوجيه الفاضل صاحب العزة عبد الخالق بك ثروت أحد أعضاء لجنة المراقبة القضائية بالحقانية، وحضرة السرى الأمثل صاحب العزة محمد بك النجاري أحد قضاة المحكمة المختلطة بالإسكندرية، وهو حفظه الله كان ذا السبق والنهضة الأولى في تحقيق هذا المشروع الجليل فإنه بذل همته في استكتاب هذا الكتاب من نسخة عتيقة مغربية بالكتب خانة الأميرية المصرية قد ركض فيها البلى ولعب، وأكل منها الزمان وشرب، حتى أبلى ثوبها القشيب، وأذوى غصنها الرطيب، ولم تسعد الأيام بثانية تعززها بعد البحث والتنقيب، وبعد كتابة نسخة منها وكل تصحيحها ومقابلتها على أصلها إلى حضرة الأستاذ العلامة مرجع طلاب اللغة والأدب الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي، وكان معه في المقابلة حضرة صديقنا الفاضل الشيخ عبد الغني محمود أحد علماء الأزهر الشريف. .)

وإنه كما ترى لعمل جليل، وإن مما يزيد في تقديره أن يتم من رجل يربطه منصبه بثقافة القانون والفقه لتطبيق مواده وأحكامه. على أن النجاري لم يقف عند هذا الحد، فقد رجع إلى (لسان العرب) وهو أوسع معجم في اللغة العربية فرآه مرتباً على طريقة غير سهلة ولا وافية بالحاجة في استخراج الكلمات والكشف عن معانيها، فعزم على ترتيب هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>