للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعجم الضخم على حروف الهجاء، متبعاً في ذلك منهج المعاجم الحديثة في اللغات الأجنبية، وضم إليه في هذا الترتيب معجم الفيروز ابادي المعروف بالقاموس المحيط حتى يكون أوفى وأتم، وفي أثناء عمله هذا عني بجمع الكلمات العربية التي تقارب الكلمات الفرنسية في اللفظ وتتفق معها في المعنى، وأراد أن يخرجها في كتاب على حدة، وقد جمع من هذا الكلمات حوالي ثلاثة آلاف كلمة عربية فرنسية.

وشمر النجاري لإخراج هذا المعجم الذي قصد إليه ترتيباً وتنسيقاً، فأخذ يواصل الجهد لذلك حتى شارف الغاية، فأعدَّ منه تسعة عشر مجلداً، وبقي مجلد واحد أعجزه المرض عن إتمامه، فسافر إلى أوروبا للاستشفاء، ولعله يصيب من الراحة ما يعينه على إتمام هذا العمل، وقد عاد من أوروبا فعلاً يستروح روح العافية، فعكف على إنجاز الجزء الأخير في ذلك المعجم، ولكن الداء انتكس به، وعاودته العلة أقسى مما كانت، فلم يذعن للمرض هذه المرة، وظل يوالي العمل في منصبه من جهة وفي المعجم من جهة اخرى، وكأنه كان يتعجل الفراغ من هذه المهمة قبل فراغ العمر، فبينما كان يقلب صفحات أحد المعاجم وهو جالس على مكتبه في إحدى الأمسيات إذ سقط جثة هامدة وفاضت روحه إلى بارئها، ولم يبق من إتمام المعجم إلا ورقات معدودة في آخر الجزء العشرين، وكانت وفاته رحمة الله سنة ١٣٣٢ هجرية - ١٩١٤ ميلادية.

وتصرمت السنون على وفاة النجاري، وطوى عمله في مطاوي النسيان. وفي الأيام الأخيرة تقدم ورثته إلى وزارة المعارف لعلها تعني بنشر هذا المعجم الذي رتبه ونسقه وبذل في سبيله أعز ما يملك وهو صحته وحياته، فأحالته الوزارة إلى المجمع اللغوي ليرى فيه رأيه، ثم كان أن أعاده المجمع إلى الوزارة، ولا يزال المعجم بين يدي الوزارة لم يستقر لها رأي إلى الآن في شأنه.

محمد فهمي عبد اللطيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>