للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه صورة من هزله في جده، لكن أسلوبه حين دافع عن عماه بعد أن لأخذ الله نور عينيه يختلف من بعض الوجوه عن أسلوبه ههنا، فإنه هناك أدنى ميلاً إلى الجد الذي يتجلى في فخره بنفسه، وفي اعتزازه بلطف سمعه وإرهاف حسه، وفي إعجابه بسلامة لسانه وقوة بيانه، وذكاء قلبه ورجاحة لبه، وصرامته في حماية ذاته من لهو العابثين:

إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وسمعي منهما نور!

قلب ذكي، وعقل غير ذي خطل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور!

وقد يكون هذا الفخر بأدب كل من يشعر بنقصه من شيء ما! فإذا هو يتلمس الأسباب إلى ستر معايبه بمحاسنه. فيتجاهل الحقيقة المرة ويتفاخر بما عوضه الله من خير. . إلا أن أبا العيناء لا يكتفي بهذا، فلعله لديه ظاهر التصنع، بادي التكلف، وإنما يريد ان يجلو لك نفسه على حقيقتها كما يزعم ثم يشعرك بقيمة تلك الحقيقة، لتقتنع بقوة شخصيته، وهذا ضرب من جده في هزله.

(يتبع)

صبحي إبراهيم الصالح

<<  <  ج:
ص:  >  >>