تشق طريقها بجانبه، وغالباً ما تعدل فيه بالتغيير والإصلاح.
إن الوطنية اليوم في تلاؤم مع النظم الاجتماعية الجديدة. وقد ظهر هذا في أوربا بوضوح، عندما كانت هناك حاجة إلى القضاء على الإقطاع، والوطنية المحلية القائمة على أساس الزراعة والأسواق الصغيرة والمدن والوصول إلى الوحدة الكبرى في ظل النظام الرأسمالي.
لقد كانت الوطنية هي الشكل الذي وافق حاجات الرأسمالية الناشئة والطبقة الوسطى الفتية، ولا تزال الوطنية في الشرق تواجه حاجات اجتماعية واقتصادية، سواء نظرنا إلى الموقف من وجهة نظر أوربا اليوم، أو الشرق في الماضي القريب. فنظم الصناعة الرأسمالية تشق طريقها إلى الشرق، ويسير اقتصاد النقد والتصنيع: جانب الزراعة والمبادلة. وهنالك طبقة وسطى فنية آخذة في الظهور، والشعور برسالتها، ومتأهبة للكفاح ضد نبلاء الإقطاع.
وفي الأقطار التي تجري فيها هذه العمليات، وترى أن الحركات الوطنية قد قضت على الانقسامات الدينية بين السكان، كما في مصر وسورية. وإن السياسي المنقطع النظير - ابن السعود بعيد عن روح التطور في رسالته السياسية، ويعقد الشباب العربي في سوريا وفلسطين - حتى المسيحيون - آمالهم على بدوي الصحراء المسلم ابن السعود. وعندما أعلن الأتراك الرابطة الوطنية في ٢٨ يناير سنة ١٩٢٠ - عن الولايات العربية في الإمبراطورية العثمانية، ومدن الإسلام المقدسة، الذي كان امتلاكها في غاية الأهمية لدولة الخلافة الإسلامية؛ أرسل وفد الخلافة الهندي برئاسة محمد علي إلى نائب الملك في الهند في ١٩ يناير سنة ١٩٢٠ وإلى لويد جورج في ١٩ مارس، يقول إن الخليفة يجب أن يمتد نفوذه إلى المدن المقدسة الثلاث: مكة والمدينة والقدس، وإلا فإن معاهدة السلام لن يقبلها أي مسلم مؤمن.
وقد نقل (خودابكش) كلمات ولسون كاس الأمريكي: (إن شباب الإسلام اليوم مفكر بأسلوب سياسي أكثر منه دينياً، وهو متحمس جداً لنفع أمته أكثر من تحسنه الانتشار الإسلام. وإن عظمة الإسلام ليست مسألة خلافة أو شريعة، بل هي مسألة وحدة سياسية تقف في وجه الغرب).