للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعد الحرب العظمى (الأولى) مباشرة - عندما سادت بين الشرقيين تجربة الوحدة الوطنية، ظهر أن الاختلافات الدينية قد اختفت. فالمسلمون والأقباط في مصر، والمسلمون والمسيحيون في فلسطين وسوريا، والشيعة والسنيون في العراق، والمسلمون والهندوس في الهند؛ كل أولئك حاربوا جنباً إلى جنب من أجل الثورة على أحوالهم السياسية. ولا تزال اليقظة القومية لها وجود اليوم وإنها لعامل في تاريخ هذه الأقطار - التي ما كانت توجد بغيرها. وسوف لا تلعب الاختلافات الدينية دوراً في السياسة في محيط الحضارة العربية المصرية؛ وهذا بالرغم من السياسة الاستعمارية الرجعية وتصعيبها للنمو السياسي واليقظة القومية، وذلك بإدخال أقليات دينية وعنصرية.

إن الشباب المسلم يعمل على ربط نفسه بالتقاليد، فيفصل ما هو ذا قيمة عما لم يعد يتلاءم والوقت الحاضر، وليخلق إسلاماً مجدداً يقبل محاسن الغرب ويغالب الحضارات الأوربية، هؤلاء الشباب ينكرون إرساليات التبشير، ويرون أنفسهم، وقد واجهتهم مشكلات - كان يجهلها آباؤهم، ويقابلهم تغير مريع في أحوال الشرق الفكرية والاجتماعية. لقد دخلت في نفوسهم قوى جديدة وخلقت لأول مرة: حركة شبان مسلمين.

ومنذ قرون لم يكن في الشرق حزازات ولا اختلافات بين الآباء والأبناء. أما الآن فقد حدث تغير في علاقات الأفراد وصلتهم بالحياة والأسرة والطبيعة.

وقد أسر الشباب في الشرق: حب الرياضة والتجول، كما دخلت إلى حياتهم العاطفية مشكلات الحب والزواج. ثم إن تعليم البنات بغير العلاقة بعد الجنسين. وزيادة على ذلك يأمل الشباب - ولما يملكوا القوة بعد - أن يتخلصوا من الماضي ومما وارث من العادات في السياسة الشرقية، مثل الأساليب الرجعية، والحاجة إلى العزيمة الماضية، وانخفاض مستوى المسئولية الاجتماعية، وعدم القدرة على التضحية بالمصالح الشخصية في سبيل الصالح العام والمحسوبية!. وكانت جمعيات الشبان المسلمين مجمع هذه الآمال، إذ حاولت إنشاء مراكز ثقافية واجتماعية لشباب الإسلام. وفي إبريل ١٩٢٨ - انعقد في يافا مؤتمر لجمعيات الشباب المسلمين مع مائة وعشرين مندوباً عن فلسطين. وقد أجمع المؤتمر على إصدار إعلان عن تأسيس مدارس إسلامية وطنية ودعوة الحكومة إلى فتح مدارس جديدة، وتعديل برامج الدراسة في المدارس الأجنبية بروح وطنية. كما وضع الاجتماع شارة

<<  <  ج:
ص:  >  >>