النقد الأدبي في مصر تنقصه هذه الدعائم الأربع مجتمعة: الثقافة، والذوق، والتجربة، والضمير. . . وأقوال مجتمعة لأن هناك المثقف المحروم من الذوق، فهو قد يوفق حين يقدم إليك نظرية في النقد الأدبي؛ ولكنه يخفق إذا ما وصل إلى مرحلة التمثيل والتطبيق؛ نملك لأن موهبة الذوق الفني عنده لم تنضج كل النضوج، والنقد في أصدق صوره وأكملها لا يقوم إلا على التوفيق بين القاعدة والمثال. . . وهناك المثقف الذي لم يمد ثقافته بروافد من التجربة الكاملة، ونعنى بها معالجة الكتابة في النقد الأدبي على هدى الإحاطة التامة بأصوله ومناهجه. . . وهناك المثقف الذي مجتمع له الثقافة والذوق والتجربة ولكنه يتخلى عن ضميره لقاء غرض من الأغراض!
هذه هي بعض الزوايا التي ننظر منها إلى من يتولون صناعة النقد في هذه الأيام، وتبقى بعد ذلك زاوية لا تقل عن سابقاتها خطورة، وهي أن هؤلاء الناس تنقصهم صفة التخصص؛ فبعضهم يتحدث عن القصة وهو لا يعرف شيئاً في فن القصة، وعن المسرحية وهو لا يدرك على أي الدعائم يجب أن يقوم البناء الفني للمسرحية وعن التاريخ الأدبي وهو لا يستطيع أن يفرق بينه وبين غيره من ألوان الدراسة الأدبية، وعن الشعر وهو محروم من نعمة الشعور! ومما يبعث على الأسى والأسف أن بعض الأدباء ممن كانوا يحذقون صناعة النقد قد انصرفوا عنها إلى الكتابة في الصحف اليومية جرياً وراء المادة، غير مبالين بالفراغ الذي تحسه المكتبة العربية في هذا المجال منذ سنين!
ونترك النقد الأدبي لنتحدث عن مشكلة أخرى هي مشكلة القصة المصرية الحديثة. . . وأول شيء نقرره هو أن القصة عندنا لا تزال تخطو فتتعثر، سواء في ذلك القصة الطويلة أو القصيرة التحليلية أو الموضوعية، التاريخية أو الذاتية، ومرجع هذا إلى أن كتابنا القصصيين لا يسيرون على القاعدة التي وضعها مارك سوان حين قال:(يجب أن يكون للقصة تصميم فني كذلك الذي يضعه المهندس المعماري للبناء؛ أو كتلك المذكرات التي يعدها المحامي قبل مباشرة إحدى قضاياه). . القصة عندنا ينقصها التصميم الفني؛ ينقصها كيف تبدأ، وكيف تسير، وكيف تنتهي؛ دون أن يكون هناك شذوذ أو اضطراب في هذه المراحل الثلاث! وكتاب القصة عندنا ينقصهم الفهم الصادق لأصول الفن القصصي في كثير من الأحيان؛ فمنهم من يعتقد أن الواقعية في القصة مثلا هي أن ينقل عن الواقع،