المادي المحس، نقلاً يتركز في لفظ أو يتمثل في عبارة! الواقعية هي أن تنقل الحياة إلى الورق - لا كما كانت - ولكن كما يمكن أن تكون. . . الواقعية هي أن تسير الحادثة مع مجرى الحياة. . . الواقعية هي أصدق في التعبير بحيث لا يطغى الخيال على الواقع، ولا يجوز الفن على الطبيعة. الواقعية بمعنى آخر هي الدقة في تصوير انعكاس الحياة على حواس الفنان. فأين كتاب القصة المصرية من هذه المعاني؟! إنهم لا يفرقون في كثير من الأحيان بين أصول القصة التحليلية والموضوعية، ومن هنا تجدهم يحفلون في كل قصة من هذا اللون أو ذاك بالنهاية المفتعلة والعقدة المنافية لمجرى الحياة، ليحدثوا شيئاً من المفاجأة يثيرون به إعجاب القارئ، ولو كانت تلك المفاجأة على حساب الفن. . . مع أن القصة التحليلية حين تبلغ غايتها من تشريح العواطف والأهواء، لا تكون محتاجة في الغالب إلى المفاجآت؛ لأن هدفها الأول هو وضع العواطف الإنسانية تحت مجهر التحليل النفسي!
وتلمس إلى جانب ما ذكرت بعض الظواهر الأخرى التي لا تزال تترك أثرها العميق في بناء القصة المصرية، تلمس الحوار المصنوع، لأن كتابنا القصصيين يتخيلون أن فن الحوار يتمثل في اللفظ الأنيق، والمعنى الرشيق، والعبارة الموشاة، دون أن يرجعوا إلى الحياة ليروا أن كانت تطيق هذا كله أو لا تطيقه. الفن في الحوار في الصناعة اللفظية، ولكنه إنطاق الشخوص بما يمكن أن تنطقها به الحياة، فلا يتحدث أحد الخدم مثلا كما يتحدث سارتر أو كسير كجورد، ولا ينطق أحد الجهلاء كما ينطق بيكون أو ديكارت! وتنظر فتجد أكثرهم يحركون في قصصهم شخوصاً من صنع المخيلة لا من صنع الحياة، مخيلتهم هي التي ترتب المنظر، وتحرك الشخوص، وتصنع الحوار، فاكون النتيجة زيفاً في العمل الفني يبعد القارئ عن جو الواقعية الذي تنشده كل قصة يرجى لها البقاء؟ وتبحث عن تصوير الجو الشرقي والروح المصرية فلا تقع عليه في كثير مما أخرجه كتاب القصة في السنين الأخيرة. وهذا راجع إلى السطو على الفكرة في القصة الغربية ونقلها بمهارة إلى القصة المصرية كما يفعل الأستاذ توفيق الحكيم، تماماً كما تأتي من غانيات باريس فتنزع عنها آخر ما ابتكرته محال الأزياء الباريسية ثم تلبسها (الملاءة اللف!) قد تكون أجمل، وقد تكون أكثر فتة، ولكنها تتعثر في مشيتها ولا تستطيع أن